واجه مخاوفك المستقبلية

ت + ت - الحجم الطبيعي

المخاوف تعتبر جزءاً من الحياة الطبيعية؛ إننا نقلق بصفة مستمرة ونخاف من إنجاز العديد من المهام في العمل، نخاف من الفشل في هذا الجانب أو ذاك، نخاف أن لا ننجح في القيام بهذه الوظيفة، هناك قائمة طويلة من عقد المخاوف مصدرها طفولتنا؛ فهناك الكثير من أولياء الأمور الذين لا يسمحون لأطفالهم بالحديث أو البكاء أو التعبير عن أنفسهم سواء في العائلة أم أمام الضيوف أم في المدرسة وغيرها من المناسبات وشعارهم «توقف عن لفت الانتباه»! طبيعي هذا الأمر سيولد لدى الطفل شكاً في قدراته ومحاولاته للتعبير عن نفسه؟ سوف تكبر لديه عقدة التجنب وعدم التعبير عن نفسه والابتعاد عن أي منافسة أو رغبة بالإنجاز والنجاح.

وسوف تكبر عقدة المخاوف لديه وتصبح مخاوف مستقبلية بما تسمى «الكرونوفوبيا» أو الرعب من المستقبل؛ وبالتالي تعتبر واحدة من أهم العوائق التي تؤثر على تقدم الفرد في جميع مستويات حياته؛ فتجده إنساناً قلقاً، حذراً، يتخوف من أي خطوة يُقْدم عليها ولا يستطيع تغيير عاداته أو سلوكه أو حتى التقدم بخطوات كبيرة للإقدام على فعل معين ربما خوفاً من الخسارة أو قد يعيش في أتون التنبؤات والتخيلات من المجهول؛ والحذر أحياناً قد يكون مفيداً لكن المبالغة به قد تسبب ضرراً بالغاً.

بعض الفئات من الناس تدعي رغبتها بتغيير ممارستها وإضفاء طابع الجدية والالتزام والرغبة بمواكبة التطورات، ولكن على أرض الواقع لا يوجد شيء جديد ولا حتى بأي مخاطرة لتحدي هذا الخوف الذي لا أساس له، كلنا نخاف من ذلك المجهول الذي لا نعرفه ولا نفهمه، ولا يمكننا تجاوز هذه المخاوف دون الاعتراف بهذا الخوف وتقبله والتمعن فيه وأخذ القرار، وهناك من يتجرّؤون على مواجهة خوفهم دون تردد وتسمح تجاربهم بالشعور بالثقة بالنفس، أحياناً شيء ما يزعجنا إما أن نتقبله وإما نرفضه، مهما حصل إذا أنت رفضت الحقيقة المزعجة سوف تعاني ضغطاً نفسياً وإذا تقبلته فإنك ستنعم بالهدوء، ودائماً نقول إن الشيء إذا زاد على حده انقلب ضده، وهنا هذه القاعدة نفسها، تؤكد لنا أن الخوف شيء مفيد وأمر عادي يحدث لنا بشكل مستمر وقد يكون دافعاً نحو التميز والنجاح؛ فالخوف يخلق لنا الاستعداد لدراسة الامتحان والتهيئة للمقابلة الوظيفية وغيرها، ولكن كما ذكرت سابقاً إذا أصبح الخوف عائقاً ومشكلة، يجب علينا البحث عن علاج حتى لا يصبح مشكلة كبيرة وتمنعنا من ممارسة حياتنا الطبيعية وتتحول إلى خوف مرضي قد يؤثر على مستقبلنا، هناك دراسة حديثة تؤكد أن انضمام الشخص المصاب برهاب الخوف إلى جماعات الدعم والمساعدة يمكن أن يساعده في التخلص من هذه الحالة النفسية السيئة، حيث يساعدونه على استبدال الخوف بالسلام الداخلي والهدوء.

والخلاصة والدرس لنا جميعاً، إذا أردنا التقدم والنجاح، فلنحتفظ بشيء من المخاوف الإيجابية بالقرب منا، لتذكرنا بما يجب علينا القيام به، وحتى لا نتكاسل أو نتوانى، ولكن لا نسمح لهذه المخاوف بالنمو أبداً.

Email