إنه يوم يعنينا أيضاً!

ت + ت - الحجم الطبيعي

للوهلة الأولى، يظن المرء أنّ تخصيص يوم للاحتفاء بالمرأة هو شأن يتعلق بالنساء على وجه الحصر، لا يعني الرجال، ولا يتوجه إليهم برسائله، أو يشملهم بحفاوته. ولكن نظرة تأمل سريعة، يمكنها أن تكشف عن حقيقة قد تبدو مفاجئة: إنه يوم يعنينا أيضاً!

الحديث، بالطبع، عن يوم المرأة الإماراتية.

في الواقع، نحن الرجال نعد المستفيد الأول من كل أهداف وغايات الاحتفاء بالمرأة، تماماً مثلما أننا معنيون ومستفيدون من نهج تمكين المرأة وإشراكها في الحياة العامة وإدارتها، وفتح المجال أمامها لتبدع في كافة المجالات؛ فهذا كله ينعكس علينا، وعلى حياتنا إيجاباً بدرجات كبيرة، ومستويات مهمة. وعلى أقل تقدير، لأن الاحتفاء بالمرأة يعني أننا نعيش في مجتمع صحي، سليم البنيان، ومتعافٍ في نفسيته وعقله، ويصلح أن يكون بيئة نستأمنها على أطفالنا وذوينا.

نحن مستفيدون لأن المرأة مثل الغيمة التي تظللنا في الظهيرة القائظة، وتحفزنا على اجتراح المعاني المستحيلة، وتستفز قدراتنا، وتشدنا إلى إظهار أفضل ما فينا، وتبعدنا عن التقوقع في الأفكار التي تعزلنا عن أنفسنا، بعدما تقيم الحدود بيننا وبين نصف المجتمع، الذي هو مكون من أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا وزميلاتنا.

نعم، نحن مستفيدون من العيش في مجتمع يشرك المرأة، فتكون إنتاجيته أعلى، ومستوى خدماته أرقى، ويتبنى في أخلاقياته تعاملاً ألطف، وفي أولوياته يضع إنسانيتنا في المقام الأول.

ونحن مستفيدون، كذلك، من العيش في مجتمع لا يتهيب من الدخول إلى المستقبل، والانتساب إليه مسبقاً، ويعمل بفروضه سلفاً. مجتمع يؤمن باستحقاقات الحاضر والمستقبل، ولا يتردد مهما كانت ظلال الماضي قوية.

وفي الواقع، فإن ما هو مهم هنا، في هذا المنظار بما يتعلق بيوم المرأة الإماراتية، أنه ليس مجرد يوم احتفالي، ولكن تعبير عن نهج مستدام، وهو قبل ذلك ممتد الجذور في المجتمع، لدرجة أن المرء يمكن أن يشعر بأهداف هذه الاحتفالية السنوية متمثلة على أرض الواقع بحقائق بينة، في كافة جنبات الحياة ومجالاتها.

هنا، في الإمارات، لا يمكن للمرء إلا أن يلاحظ هذا الحضور القوي للمرأة في كل مكان؛ في التصنيع والإدارة، في العلم والثقافة، وفي مواقع المسؤولية الرسمية، وإدارات القطاع الخاص، وفي الحياة المدنية وفي الجندية..

في كل مكان ومجال..

وهنا، في الإمارات، لا يحتاج المرء لأن يذهب بعيداً لكي يلمس أن التمكين ليس مجرد نهج، ولا فقط سياسة عامة، ولكنه حقيقة ماثلة. ويكفي المرء أن ينظر في مكان عمله، فيرى المرأة في صفوف مدرائه، وبين زملائه.

وهذه صورة جميلة للواقع. الواقع الذي نحن معنيون به، مستفيدون من كونه صحياً، ويتمتع بالعافية الاجتماعية والنفسية والمهنية.

وهو صورة من صور الإمارات، التي تبرز صورتها المختلفة، وسعيها لتتويج نموذجها الخاص بأفضل التجارب والممارسات. ومن الواضح، أن تجربة تمكين المرأة هي واحدة من التجارب اللافتة، التي يمكن أن تستثير العقل والهمم، وتدفع للتطلع قدماً في مجالات أخرى يتردد الكثيرون من الاقتراب منها.

وعملياً، يمكن لدولة الإمارات اليوم أن تنظر إلى إنجازات المرأة، والدور الذي تتطبع به في الحياة، والمستقبل الذي ينتظرها، لتدرك أن ما منحته لابنتها الإماراتية، كان استثماراً مجزياً، ورهاناً رابحاً.

وختاماً، بينما أتوجه بالتهنئة إلى كل الأخوات والزميلات الإماراتيات، أعود، وأكرر القول:

بلى. هو يوم يعنينا كثيراً!

 

Email