خبرات مفقودة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما نسأل كبار المواطنين، عمّا سيفعلونه لو عاد بهم الزمن للوراء، مباشرة معظمهم، يقولون: «لو عاد بنا الزمن، لما كنا في هذا الوضع، بل سنكون أفضل حالاً؛ لأننا لن نقع في نفس الأخطاء التي وقعنا بها».

لذا نشاهد كبار المواطنين مولعين بالنصائح والتوجيهات، وهي تصدر من قلوب وأرواح خبيرة، تجدهم ينصحون أطفالهم باستغلال أوقاتهم الاستغلال الأمثل والصحيح، ويرددون: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، لكننا لا نصغي لكلماتهم ولا ننتبه للكنز الذي تحتويه جملهم، إلا بعد فوات الأوان.

معظم أطفالنا يمضون وقتهم في أمور لا طائل منها ولا فائدة من ورائها، وهم في الحقيقة يفقدون فرصاً كبيرة من النجاح والتعلم وزيادة خبراتهم وتحصين مستقبلهم.

توماس أديسون، له كلمة جميلة قال فيها: لا يجب أبداً إضاعة الوقت في اختراع أشياء لن يشتريها الناس.

الكثير من المشاكل التي نقع فيها هي نتاج قلة الخبرة وعدم المهارة في التعامل مع المواقف والأحداث بشكل سليم وصحي، هل من بيننا من سأل لماذا تنخفض المشاكل التي تنتج عن كبار المواطنين؟ بمعنى كلما زاد عمر الإنسان ستلاحظ أن نسبة المشاكل في هذه الفئة تقل وتنخفض، ودون دراسات وبحوث يمكن رصد مثل هذا الواقع، لا يعود السبب لقلة أعداد كبار المواطنين، فهم موجودون وهم الخير والبركة، لكن لأنّ هناك سبباً آخر يتمثل في الخبرة والمهارة الحياتية التي اكتسبوها من التجارب التي مرت بهم والمواقف التي تعرضوا لها، هذه المواقف هي من تجعل كبار المواطنين أكثر حكمة وهدوءاً في التعامل والرد على كل حدث أو مشكلة تعترض طريقهم، مشاكل وصعوبات الحياة هي من صقلتهم وعلّمتهم كيفية التعامل ومعالجة كل ما يعترض طريقهم.

كل هذا النضج والحكمة ما هي إلا بمثابة سلعة تم اكتسابها -شراؤها - عندما تم دفع الثمن وهو مضي العمر، وكما قال المؤلف المسرحي البريطاني توم ستوبارد: العمر ثمن باهظ جداً لتدفعه ثمناً للنضوج. لذا أنصح الجميع خاصة فئة الفتيات والشباب، بالاستئناس بآراء كبار السن في كل خطوة وفي كل قرار، استشيروهم فلن تخيبوا وتندموا، ولكل أم وأب، إذا أردت لأطفالك التميز وسعة التفكير أجلسهم دائماً مع كبار المواطنين، إنهم كنز لا يقدر بثمن.

Email