حب من طرف واحد !

ت + ت - الحجم الطبيعي

طبيعة العلاقات الإنسانية أنها تقوم على المشاركة، وغني عن القول أن الإنسان كائن اجتماعي، بمعنى أنه من الصعب عليه أن يعيش بمفرده ولا نقول إنه من المستحيل، لأنه ثبت أن هناك حالات اضطر فيها الإنسان للانزواء والمعيشة بعيداً عن الآخرين. لكن يبقى السياق العام والمتعارف عليه أن الإنسان يعيش في مجتمعات. تبعاً لهذه الحالة تنبع مشاعر وعواطف لا يمكن أن تكون في سياقها الطبيعي إذا لم تكن ذات توجه للمشاركة، بمعنى لا يمكن أن تكون عاطفتك ومشاعرك طبيعية إذا لم تكن مستنزفة أو مبذولة تجاه شخص آخر تشعر تجاهه بالحب والرغبة بأن تكون معه دائماً.

المشكلة أنه في أحيان تصطدم هذه الرغبة بصدّ ورفض وابتعاد من الطرف الثاني. الصورة في شكلها الأوضح عندما يختار قلبك ذلك الطرف الثاني، فتجد أنه لا يبادلك هذه الرغبة، بل عندما تنظر لإنسان كحبيب تريد تمضية ما تبقى من عمرك معه إلا أنك تكتشف أن لديه خططاً أخرى أو اهتمامات أخرى أو أولويات أخرى.. فإن حالات من الإحباط والاكتئاب ستتلبس وتحيط بحياتك.

قصص الحب من طرف واحد أو من جانب واحد ماثلة وكل يوم نسمع بقصة جديدة، وأكثر تلك القصص أن الرجل هو الذي أحب والمرأة هي التي صدت أو رفضت أو لم تبادله نفس المشاعر، وقد يكون السبب ذكاء المرأة – نعم ذكاء – فقد وجد باحثون في جامعة أوتاجو في نيوزلندا، أن النساء أكثر ذكاء من الرجال، حيث وجدوا من خلال جمع بيانات عن اختبارات ذكاء شملت 500 رجل و500 امرأة أن النساء في دول العالم المتقدّم سجّلن علامات أعلى من الرجال. وأشارت الدراسة إلى أن علامات اختبارات الذكاء عند النساء ارتفعت بسرعة خلال القرن الفائت، وبالتالي تحسن ذكاؤهن بشكل ملحوظ أكثر. وخلال ثمانينيات القرن الماضي تبين أن علامات اختبارات الذكاء في الدول المتقدمة ارتفعت قرابة 3 نقاط في العقد. وعندما نصف صد أو رفض المرأة لأول حب يطرق بابها بالذكاء، فلأنها تقيس الموضوع على عدة معايير قد تكون اقتصادية مالية، وطبيعة الرجل واهتماماته فضلاً عن نظرتها للمستقبل، والمرأة في هذا السياق حساسة جداً، بمعنى أنها تحكم عقلها لا قلبها، وهذا قمة الذكاء، لكنها إذا قررت أن تحب فإنها تتوجه له بكل جوارحها وأحاسيسها وبات هذا الموضوع شغلها وحياتها بأسرها، ولعل كلمات الناقدة والروائية العالمية مدام دو ستايل، عندما قالت: «الحب هو تاريخ المرأة وليس إلا حادثاً عابراً في حياة الرجل». يصف هذا الجانب بدقة، ذلك أن المرأة إذا أحبت أعطت وضحت وبات الموضوع بالنسبة لها قضية حياة أو موت.

وبرغم كل هذا أعتقد أننا في زمن اختلفت معايير ولادة الحب ونشأته وتطوره، وبالتالي أيضاً تغيرت نظرة الإنسان وأهدافه وتطلعاته.. الحب حاجة متبادلة وعاطفة يفترض أن تجذب معها السعادة والفرحة، لا البؤس والألم والهم.

Email