التعدين.. استراتيجية وطنية لاستشراف المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد قطاع التعدين مصدراً هاماً للنمو الاقتصادي والاجتماعي، لدوره في تشغيل الأيدي العاملة، وتزويد السوق بما يحتاجه من سلع أولية ووسيطة ونهائية، ما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني بالعملات الصعبة من عائد تصدير المواد الخام والمنتجات الأولوية. 

والتعدين هو صناعة استخراجية نتاجها معادن ثمينة، أو مواد جيولوجية أخرى من باطن الأرض، مثل الفوسفات والبوتاس واليورانيوم والرصاص، وغيرها من المعادن، إلى جانب استخراج النفط، بطبيعة الحال. ويعتمد استخراج هذه المعادن على الجدوى الاقتصادية للاستثمار في المعدات والعمالة والطاقة اللازمة لاستخراج وصقل ونقل هذه المعادن إلى الشركات المصنعة، التي يمكنها استخدام المواد. التعدين بذلك هو استخراج لثروة من جوف الأرض لدعم الاقتصاد. 

ويتكون القطاع من صناعات كبيرة الحجم من حيث الاستثمارات، كما أنه من أكبر القطاعات الصناعية من حيث رأس المال. وقد أولت الدولة اهتماماً خاصاً في قطاع التعدين، لما له من أهمية كبيرة في تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة، وهي تعمل على الدوام لتطوير القطاع، خاصة مع تذبذب أسعار النفط، والمخاطر التي يحملها في طياته الصراع الروسي- الأوكراني. 

وقد قامت وزارة الطاقة والبنية التحتية، بإعداد استراتيجية وطنية لاستشراف مستقبل الثروة المعدنية، وتم إعداد خطة تشغيلية تقوم على عدة محاور للوصول إلى المستهدفات المرجوة. وتستهدف هذه الاستراتيجية تعزيز دور الصناعات التعدينية في الدولة في الناتج المحلي الإجمالي. وحسب الإحصاءات المتوفرة من المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، فقد بلغ حجم الصناعات الاستخراجية والتعدين (شاملة النفط)، حوالي 348 مليار درهم عام 2019، وبنسبة 22 % من الناتج المحلي الإجمالي. وحسب ما كشفت عنه الوزارة، يأتي ذلك تعزيزاً لدور الإمارات في المنطقة في هذه الصناعات من جهة، وتنمية الاستثمارات في هذا القطاع من جهة أخرى. 

وعالمياً، تصدرت روسيا الدول الأكثر ثراء بالموارد الطبيعية- بناءً على قيمة الموارد الطبيعة (التي تشمل النفط) في عام 2021 - بقيمة تناهز 73 تريليون دولار، تليها الولايات المتحدة، بحجم موارد وصلت إلى حوالي 43 تريليون دولار. ثم المملكة العربية السعودية بحوالي 34 تريليون دولار، ثم كندا 33 تريليون دولار. 

إن صناعة التعدين تعتبر قوة دافعة ضخمة للاقتصادات الكبيرة، وتعزيز إمكانات هذه الصناعة، يمثل خطوة نوعية مهمة، اتخذتها الدولة، كما هي عادتها في مجمل مناحي الحياة الاقتصادية. لكن يبقى التحدي الأكبر، هو زيادة وتيرة إدخال التكنولوجيا في هذه الصناعة، للمساعدة في تخفيض الكلف التشغيلية، فقطاع التعدين هو قطاع كبير، ويحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة. ودولة الإمارات قادرة بالتأكيد على ذلك، خاصة مع تمتعها بخدمات لوجستية، هي من الأفضل على مستوى العالم، ما يسهم في تخفيض كلف الصادرات التعدينية.

Email