الحروب التجارية.. الجميع يدفع الثمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثارت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تساؤلات عديدة بما أحدثته من تأثيرات وما أفضت إليه من تداعيات على اقتصاد العالم. كما أنها وضعت العديد من دول العالم في حيرة، فكثير من هذه الدول قد تربطها علاقات استراتيجية مع واشطن، لكن تربطها في الوقت نفسه علاقات اقتصادية وثيقة مع الصين.

في عام 2019، بدأت الصين والولايات المتحدة رفع الرسوم الجمركية بشكل متبادل على تدفقات تجارية بقيمة 450 مليار دولار. وأدت هذه الزيادات بطبيعة الحال إلى انخفاض التجارة بين الولايات المتحدة والصين.

وفيما رفعت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على الواردات من الصين، وبالذات على مجموعة من الآلات والمعادن، وردت الصين وفرضت رسوماً جمركية على الواردات من الولايات المتحدة، فقد تم تخفيض الرسوم الجمركية على الواردات من دول العالم، وشكل ذلك ابتعاداً كبيراً عن الاتجاهات الطويلة الأجل نحو تحرير التعريفات في جميع أنحاء العالم.

لقد انخفضت الصادرات الأمريكية إلى الصين بنسبة 26%، بينما زادت الصادرات إلى بقية العالم بحوالي 2%. كما تراجعت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 8.5% فيما ارتفعت صادراتها إلى بقية العالم بنسبة 5.5%.

لكن ماذا عن الرابحين والخاسرين من هذه الحرب التجارية. لقد أشار الخبراء إلى أن الدول التي تتمتع بتكاملية أكثر كانت أكبر الرابحين، كفرنسا وإسبانيا، اللتين زادت صادراتهما إلى كل من الولايات المتحدة وبقية العالم.

كان المستهلكون الخاسر الأكبر الذين طالهم العبء الأكبر لارتفاع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة. كما أن الحرب التجارية خفضت الدخل الحقيقي الإجمالي في كل من الولايات المتحدة والصين، ولو بنسية ضئيلة.

كذلك، فقد ارتبك قطاع التصنيع في كثير من الدول، جراء هذه الحرب التجارية، ما أثر سلباً على حجم العمالة في هذا القطاع، بعدما تأثرت الشركات الأمريكية التي تعتمد على المواد الأولية المستوردة من الصين، مما أدى إلى تذبذب في العمليات التشغيلية لهذه الشركات، مع ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج.

ورغم انخفاض وقع الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بعض الشيء بعد تغير الإدارة الأمريكية، إلا أن تحدياً عالمياً برز على السطح، مخلفاً تأثيرات أكبر على الاقتصاد العالمي، ألا وهو الصراع الروسي الأوكراني، والذي تأثرت بها معظم مناحي الاقتصاد في العالم.

الحقيقة الواضحة هنا أنه لا يوجد شيء اسمه حرب تجارية ثنائية، فالتداعيات تمس التجارة العالمية، والتأثيرات تطال الجميع. وحتى لو كان هناك عدد قليل من الفائزين، فهم في النهاية يخسرون، لأن نمو الاقتصاد العالمي يتعثر بسبب هذه الحروب التجارية.

 

Email