اللغة العربية مصدر اعتزازنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

اللغة هي الهوية، هي العنوان، لنا جميعاً، لغتك هي جزء من روحك وتفكيرك، تشابه تماماً نبض قلبك، إذا توقف هذا القلب توقفت لغتك. كل حضارة متفوقة أسست تفوقها على إعلاء لغتها وسموها، وكما قال عالم علم الاجتماع المغربي المتخصص في الدراسات المستقبلية، الدكتور المهدي المنجرة: «لا توجد أي دولة في العالم انطلقت في المجال التكنولوجي دون الاعتماد على اللغة الأم».

نحن نتعلم لغات أخرى، نعم، لكن جوهرنا وحقيقتنا تبقى خير ما نعبر عنه بلغتنا الأم.. بل تبقى بمثابة الأم لنا.

يطالب عدد من الآباء أن يكون تعليم أبنائهم اللغة العربية، بشكل سطحي بحكم أنهم يجيدونها لأنها لغتهم الأم، وأن يرتكز الاهتمام على تعليمهم اللغة الإنجليزية، جميعنا نلمس ونشاهد عدة ممارسات من بعض الأفراد توضح ميلهم لتعليم أبنائهم لغة أخرى غير العربية رغم صغر سنهم، ومن هذه المشاهد أم كانت تؤنب طفلها في أحد الأسواق لعدم تحدثه معها باللغة الإنجليزية، ورغم بكاء الطفل، لعدم وجود مخزون لغوي لديه يستطيع أن يستخدمه ليطلب من أمه غرضاً ما فإنها كانت مصرة على عدم الإصغاء له حتى يطلب باللغة الإنجليزية. من الذي ينكر سطوة اللغة الإنجليزية وقوتها في عالم اليوم؟، ومن الذي ينكر أنها باتت لغة الأعمال في عالم اليوم؟، حتى بتنا كالغرباء في أوطاننا التي لغتها الأم هي العربية. 

وإنني بحق أندهش تماماً من كل هذا الاهتمام المبالغ فيه، في الوقت الذي أعرف إحدى الأسر جميع أطفالها تخرجوا في مدارس حكومية وبتقديرات عالية وتجدهم على درجة ومهارة كبيرتين في لغتهم الأم وجميع المواد العلمية، وفي الوقت نفسه تجدهم يتحدثون اللغة الإنجليزية بطلاقة، والسبب هو تنظيم وقتهم ووضع خطة لتعلمها من خلال حفظ المفردات وزيادة مخزونهم اللغوي، فحصلوا على مكاسب عدّة. من هنا أوضح أنه يمكننا أن نتحدث اللغة الإنجليزية دون تسطيح أو استخفاف بلغتنا الأصلية التي هي لغة القرآن، وكذلك ليس من الضروري أن تكون معاملاتنا بالإنجليزية، فالذي جاء بمحض إرادته إلى بلادنا عليه أن يتعلم هو لغتنا أو يبحث له عن مترجم. ومع الأسف هناك دول أخرى كإيطاليا وإسبانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا وغيرها، لديها اعتزاز بلغتها، وليس صحيحاً ما يتم ترويجه أو ما يحاول البعض أن يوصله لنا، أن اللغة الإنجليزية مهيمنة، والذي لا يصدّق هذا الكلام عليه أن يراجع أياً من الدوائر الحكومية في باريس أو مدريد أو موسكو.

 إحدى الصديقات خلال زيارتها إلى إسبانيا، تقول إنها لم تجد موظفاً يرتب لها رحلة سياحية يتحدث اللغة الإنجليزية، ولم تجد عاملة واحدة في صالون نسائي شهير وكبير في مدريد تتحدث الإنجليزية. أتذكر اليوم ما جاء في أحد تقارير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو، أن عدداً من لغات العالم مهددة بالانقراض ومن بينها اللغة العربية. أدرك أنّ هناك اهتماماً رسمياً وحكومياً بالغاً وكبيراً بهذا الموضوع، ويوجد تقويم في هذا المجال، لكن ماذا عنا نحن كأفراد؟.

Email