ثلاثة معاول لهدم المجتمع

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتربص بالمجتمعات مهددات عديدة، تستهدف أمنها واستقرارها، وتسعى لهدمها، واغتيال عقول أبنائها، وتدمير قيمهم ومُثُلهم، يقف خلفها أصحاب المصالح الخاصة والأجندات المشبوهة، الذين يتاجرون بأرواح الناس، ويستهترون بقوانينهم وقيمهم المجتمعية، فلا يلقون بالاً بقوانين أو قيم أو مبادئ، بل يضربونها بمعاولهم الهدامة.

ومن هذه المعاول التي تهدم المجتمعات وتدمرها المخدرات، التي هي من أكبر المشكلات التي تواجه العالم، وتقف خلفها عصابات إجرامية لا تقيم وزناً لحياة البشر، تسعى لاختراق المجتمعات بكل وسيلة، بما في ذلك توظيف التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي للترويج لسمومها، وتستهدف بالأخص فئة الشباب ليصبحوا فريسة لهم، وتعمل على إيقاعهم في براثن المخدرات، مما يعني تدميرهم عقلياً وصحياً ونفسياً واجتماعياً، ودفعهم للسلوك الإجرامي وكل ما يضر بهم وبأسرهم ومجتمعهم، كما يعني ذلك هدم المجتمع من كل النواحي، والمساس بأمنه واستقراره، وحرمانه من شبابه الذين هم عمود الأوطان ورجال غدها الواعد.

وقد وقفت دولة الإمارات بالمرصاد لهذا الخطر، لحماية المجتمع منه، فقد سنت القوانين التي تردع تجار المخدرات وعصاباتها، وعملت الأجهزة الشرطية والأمنية على قدم وساق لمكافحتهم وملاحقتهم حتى في عقر دارهم، كما استحدثت قوانين تفتح أبواب الأمل أمام من وقعوا في شراكهم، لتمكينهم من التخلص من هذه الآفة، وتشجيعهم على التقدم بطلب العلاج من الإدمان دون أن تقام ضدهم دعوى جنائية، وأنشأت في سبيل ذلك كله مجلس مكافحة المخدرات على مستوى الدولة، والذي يُعنى بالتصدي لهذه الآفة عبر استراتيجية وطنية ذات نهج شامل ومتكامل ومتوازن، وذلك في إطار جهود مشتركة تستوجب من الجميع المساهمة في التصدي لهذه الآفة، سواء على المستوى الأسري أو الإعلامي أو التعليمي أو غيره.

ومن المعاول الهدامة للمجتمع أيضاً الإلحاد، والذي يستهدف مروجوه كذلك فئة الشباب بالأخص، لما تمثله هذه الآفة من هدم للقيم والمبادئ، وإلغاء أي معنى للحياة، ليصبح الشاب فريسة لأصحاب الأجندات المشبوهة، ولأي توجه أو فكر دخيل، وقد انعدمت عنده المعايير، وانحرفت بوصلته، فلا تمثل له أسرته ولا مجتمعه ولا وطنه شيئاً، وتختل نظرته للحياة، فيراها بنظرة سوداوية عبثية، وبفكر إباحي لا حدود فيه ولا قيود، وبضمير لا يراعي إلا فكره العبثي ونزواته الخاصة، وبنظرة استعلائية ضد بني جنسه، فإذا كان الإرهابيون ينظرون إلى غيرهم نظرة استحقار وازدراء بدعوى أنهم فاقدو الإيمان فكذلك هؤلاء الملحدون ينظرون إلى البشرية نظرة استحقار وازدراء باعتبار أنهم سلالات حيوانية لا كرامة تميزهم ولا حقوق يختصون بها، فهم قنابل موقوتة ضد قيم مجتمعاتهم وأمنها واستقرارها.

ومن المعاول الهدامة للمجتمعات كذلك الشذوذ الجنسي الذي يسمى بالمثلية، والتي تحرف الإنسان عن فطرته السوية، وتخترق قيمه الأخلاقية، وسط حملات ممنهجة نراها اليوم للترويج لهذه الآفة، والتي تستهدف حتى فئة الأطفال، وتحاول تغذيتهم بهذا الفكر الشاذ، دون أي احترام لقيم المجتمعات ومبادئها وتشريعاتها وقوانينها.

وقد حرصت دولة الإمارات على التصدي لهذه الآفات، لما تمثله من تهديد للأفراد والمجتمعات، سواء عبر تشريعاتها المميزة، أو عبر نشر الوعي والثقافة الإيجابية في المجتمع، أو عبر أجهزتها المختلفة بما ذلك الشرطة المجتمعية، التي لا تألو جهداً في ترسيخ الأمن والاستقرار في المجتمع، وحل المشكلات، ونشر الوعي الرشيد، فلهم كل الشكر والتقدير على جهودهم المشرقة.

ويقع على الوالدين عبء كبير في حماية أبنائهما من هذه المعاول، وخاصة وأن بوابة الاختراق لم تعد مقتصرة اليوم على العالم الواقعي فقط، بل أصبح الخطر الأكبر يأتي من بوابة العوالم الافتراضية المفتوحة، والتي تكمن في تلك الأجهزة الصغيرة التي يلهو بها الصغار، سواء كانت هواتف محمولة أو أجهزة لوحية أو غيرها، مع وجود مروجين لتلك المعاول يسعون لتصيدهم عبر أي باب أو نافذة مفتوحة، ولذلك تأتي أهمية الوعي والتثقيف وغرس الوازع الديني والوطني والمتابعة المستمرة للأبناء، ومساعدتهم على الاستخدام الرشيد الهادف لهذه الأجهزة، وتنمية التفكير النقدي وحس المسؤولية واحترام القوانين لديهم، وقبل ذلك وأساسه مراقبة الله تعالى، وتنشئتهم التنشئة الدينية والأخلاقية السوية، وكذلك الجلوس معهم والإصغاء إليهم ومحاورتهم، والرد على تساؤلاتهم الوجودية بالحكمة والعلم والإقناع.

 

Email