توطين القطاع السياحي ضرورة وطنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر القطاع السياحي في دولة الإمارات أحد القطاعات الاستراتيجية للمستقبل، ومن أهم الروافد الأساسية في مسيرتها الاقتصادية التنموية نحو الخمسين عاماً المقبلة 2071 لمئوية الإمارات، فقد بلغت مساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي نسبة 11.6%.

لقد حرصت القيادة الرشيدة على القيام باستثمارات استراتيجية في قطاع الضيافة والأصول الترفيهية والثقافية والسياحية، عبر ضخ المليارات لتطوير المنتج السياحي في الدولة، والذي يتمثل في البنية التحتية السياحية الحديثة من مطارات وشركات طيران ومنتجعات وقرى سياحية وطرق وخدمات وفنادق فاخرة، بالإضافة إلى تدشين العديد من المقاصد السياحية الجاذبة، والخدمات المتخصصة الرائدة ذات القيمة المضافة، وقد سجلت أعداد الفنادق الجديدة خلال العقد الحالي تنامياً في الدولة، لتصل إلى 1089 فندقاً في عام 2020، فيما بلغت السعة الفندقية 180 ألف غرفة فندقية.

لقد بلغ إجمالي إنفاق السياح الدوليين في الإمارات عام 2020 نحو 48 مليار درهم، كما شهد القطاع في العام 2021 نمواً كبيراً في إيرادات الفنادق وأعداد السياح، بالإضافة كذلك إلى ما حققه معرض «إكسبو» من زيادة كبيرة في عدد الزائرين، التي تخطت حاجز الـ20 مليون زائر.

كما أن دولة الإمارات تسعى إلى زيادة مساهمة القطاع السياحي في إجمالي الناتج المحلي، لتصل نسبتها إلى 15%، واستقطاب ما يصل إلى 40 مليون سائح إلى المنشآت الفندقية المنتشرة في دولة الإمارات بحلول عام 2030.

لقد تم إعطاء الأولوية للتراث والثقافة والترفيه، حيث تحتضن دولة الإمارات العديد من كنوز الخيارات السياحية، التي تجمع بين الحداثة والتاريخ والمعالم الطبيعية والصناعية مثل برج خليفة ومتحف اللوفر وبرواز دبي ومشاريع جزيرة ياس والسعديات ومنطقة القصباء ومحمية الزوراء الطبيعية وجبل جيس، وغيرها من المعالم، التي شكلت أيقونات سياحية عالمية، كلها قد أسهمت في استدامة النمو السياحية، وعززت من مكانة القطاع على الخريطة الإقليمية والعالمية، غير أن كافة هذه الجهود لم تتمكن من رفع نسبة التوطين في القطاع، الذي يوفر آلاف الفرص الوظيفية، نتيجة لعدم طرح الحلول والمبادرات سواء من القطاع الحكومي أو الخاص لجذب الشباب والفتيات إلى الدخول في هذا المجال، إضافة إلى الصورة النمطية السائدة عن العمل في هذا القطاع المهم، الذي يعول عليه لقيادة مسيرة التنمية الاقتصادية، وصولاً إلى مئوية الإمارات 2071.

ونحن نؤكد في هذا السياق أن الدولة تحتاج إلى أبنائها وبناتها ليتصدروا المشهد في قطاع السياحة، ودعم جهودها في التحول إلى إحدى أوائل الوجهات المُفضلة على خريطة السياحة العالمية.

وهذا يتطلب بالتأكيد تكاتف الجهود ما بين القطاعين الحكومي والخاص ومضاعفتها لرفع نسب التوطين في كافة التخصصات الواسعة في قطاع الضيافة، عبر الحملات التوعوية بين جيل الشباب حول أهمية القطاع، وقدرته على تحقيق أحلامهم المهنية المُستقبلية، مع وضع الاستراتيجيات المتكاملة لتطوير مهارات المواطنين للعمل في مختلف المناصب الوظيفية، التي يوفرها القطاع، وتأهيلهم للتعامل المباشر مع الضيوف والزوار بأعلى مستوى من الحرفية وتوفير المزيد من الحوافز الوظيفية لجذبهم لهذا القطاع الحيوي.

نحلم جميعاً برؤية أبناء وبنات الإمارات يقودون مسيرة الريادة في قطاع الضيافة والسياحة، وهذا بالتأكيد يتطلب تشكيل لجنة حكومية مُتخصصة لدراسة أسباب عدم مواكبة نسب التوطين في السياحة بالتوافق مع سرعة نمو القطاع وتفوقه على كافة القطاعات في المُساهمة بالناتج الإجمالي المحلي.

وأرى أن على هذه اللجنة متابعة كافة الأسباب المؤدية لجذب أبناء الوطن للعمل في هذا القطاع، من خلال وضع الحوافز التشجيعية والبرامج الجاذبة، التي تناسب كافة الفئات العمرية من الجنسين، ومن جميع المستويات الدراسية، والتوصل إلى حلول ناجعة، تفتح أبواب المستقبل المُشرق لأجيالنا الحالية والمستقبلية.

 

* خبير واختصاصي في الإعلام السياحي

Email