عذّب حسادك بالإحسان

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الحياة الاجتماعية دوماً، تظهر مشاعر من الحسد، تجاهنا، خاصة عند التميز بنجاح أو تفوق أو ترقية، ستجد الحساد في مقار العمل، أو في وسط الأصدقاء، أو في مختلف مفاصل ومناسبات المجتمع، حيث تلتقي بالناس. ليس الحل لمواجهة مشاعر الحسد الهروب، أو البغض أو المواجهة، بل هناك حل، البعض منا قد لا يستطيع فعله، لكن في نهاية المطاف هو الحل الصحيح، يكمن هذا الحل في صلة وزيارة من يحسدك، في أن تظهر له المودة وتحسن له، ففي نهاية المطاف إما أن يكف عن حسده ويتقبل تفوقك، وإما أن تكون أغظته أكثر. 

لن تصفى لك الحياة، دون منغصات، ومن هذه المنغصات، أن تجد من يحسدك، ولكن البعض يفسر الحسد ميزة، لأنه يخبرك بأنك في المقدمة، الحاسد لا يحسد إلا من هو متميز ومتقدم. 

رغم هذا هناك من ينصحك باللطف في التعامل مع الحاسد، فلا تجمع عليه همّ حسدك وقسوتك عليه، ولكن أيضاً هناك من اعتبر أن اللطف مع الحاسد، هو عين القتل والتعذيب، كما قال في هذا الفيلسوف العربي الشهير أبو حيان التوحيدي: عذب حسادك بالإحسان إليهم. وفي المجمل فإن الحاسد إذا لم يرحم نفسه، ويشفق على حاله، فيستحق ما يعانيه وما يلهب قلبه.

وعندما نقول بأن الحاسد يقتات ويأكل في نفسه، فهذه ليست مبالغة، بل هو يجلب الهم والغم، وهو ما يعني تداعي الأمراض على جسده وعلى نفسيته، في هذا الإطار أتذكر، ما قرأته قبل فترة عن رواية العرب وعالم اللغة والشعر والبلدان الشهير عبد الملك أصمع الباهلي، والذي يعرف بالأصمعي، حيث قال: رأيت رجلاً يعيش في البادية، وقد تجاوز المائة وعشرين عاماً، فسألته عن سر هذا النشاط وهو يعيش في مثل هذه السن المتقدمة؟ فأجابني قائلاً: تركت الحسد فبقي الجسد.

هذه ببساطة وصفة دقيقة ومباشرة، ولا ننسى مقالة الشاعر العربي سلم بن عمرو بن حماد الخاسر: من راقب الناس مات هماً.. وفاز باللذة الجسور.

Email