القيادة الملهمة ركيزة نجاح الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

الكبار في حياة الأمم لا يرحلون، وخبر وفاة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، كان قاسياً على شعب دولة الإمارات والأمتين العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء، لكن الراحل الكبير سيبقى بيننا خالداً، بإنجازاته، وبما قدّم من عمل مخلص لخير هذا البلد ولرفعته ونهضته.

إنّ إنجازات القادة الكبار تبقى منارات، ومسيرتهم فنارٌ ينير دروب الغد لأبناء شعبهم وأجياله.

ودولة الإمارات بأيدي المؤسّسين الأوائل وبـ «مرحلة التمكين» التي قادها الراحل الكبير واحدةٌ من أكثر دول العالم استقراراً، واستمرارية العطاء والتطور فيها راسخة. فمع تقلده المسؤولية في العام 2004 واصل المغفور له الشيخ خليفة بن زايد، مسيرة الإنجاز ليبشّر بمرحلة التمكين، فكان برنامج التمكين السياسي الذي أطلقه، طيب الله ثراه، في العام 2005 والذي تمت بموجبه أول انتخابات للمجلس الوطني الاتحادي في العام الذي يليه ضمن برنامج تمكين أبناء الوطن وإشراكهم في صناعة مستقبل الإمارات، وتعزيز تمكين المرأة الذي كان له الأولوية في فكر التحديث الذي خطّه مؤمناً بقدرات المرأة الإماراتية في تحقيق الكثير في كل المجالات ومختلف المواقع.

وواصل فقيد الوطن منذ تسلمه مقاليد الحكم رئيساً لدولة الإمارات، بعد رحيل القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، النهج الحكيم الذي أسسه الوالد القائد المؤسس.

فعزّز العمل الإنساني باعتباره جانباً حاسماً من الهوية الإماراتية، ومحوراً مهماً في السياسة الخارجية، فحافظ على زخم المساعدات الإنسانية والتنموية، عبر إضفاء الطابع المؤسسي عليها ما كان له نتائج إيجابية في حياة الكثيرين في شتى أنحاء العالم.

كما أصبحت الإمارات رائدة عالمياً في مجال الخدمات اللوجستية الإنسانية، لما لديها من قدرة حاسمة شهد لها العالم أجمع، إذ وصلت مساعداتها الإنسانية والطبية إلى 135 دولة. ومن موقعي كسفير لدولة الإمارات لدى جمهورية نيجيريا، تشرفت برؤية مساهمة وتأثير قرارات القيادة، بناءً على توجيهات فقيد الوطن، على قارة أفريقيا. فقد كانت الإمارات في طليعة الدول الداعمة للقضايا الإفريقية، وكانت مثالاً للعطاء بلا حدود.

وكانت مسيرة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، ملهمة للتسامح والسلام والتعايش، ففي العام 2019 أُعلِن عن «عام التسامح»، وتوّجت هذه المناسبة بلقاء الأخوة الإنسانية، الذي جمع اثنين من أكبر القادة الدينيين في العالم: الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية. وكان لهذا اللقاء الكبير صدى كبيراً حول العالم. كما أدى توقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية» إلى جعل دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، وأصبح نهجها ملهماً للكثير من القادة والمجتمعات.

واليوم مع تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، قيادة الدولة، بعد أن اُنتخب بالإجماع من قبل المجلس الأعلى للاتحاد رئيساً للدولة ليكون الرئيس الثالث لدولة الإمارات، تتواصل مسيرة البناء والعطاء والتنمية والازدهار والطموحات الكبيرة.

حققت دولة الإمارات إنجازات سياسية مشهودة على الصعيد العالمي وباتت دولة محورية، ولاعباً مهماً في رسم مستقبل أفضل للمنطقة، من خلال فهم عميق للتوازنات العالمية، والتعامل الإيجابي الفعال مع المتغيرات والتحديات.

كما واصلت قيادة دولة الإمارات السير على نهج الوالد المؤسس في ما يتعلق بالوقوف مع الأشقاء والأصدقاء، فكانت المساعدات التنموية الإماراتية عنواناً رئيسياً من عناوين الأجندة الوطنية. كما نجد أن المواقف الإنسانية للدولة لا ترتبط بالتوجهات السياسية للدول المستفيدة منها، ولا البقعة الجغرافية، ولا العرق، أو اللون، أو الطائفة، أو الديانة، بل تراعي في المقام الأول الجانب الإنساني الذي يتمثل في احتياجات الشعوب.

نهج دولة الإمارات في دعم التسامح والتعايش السلمي ونشر السلام، جعلها في طليعة الدول الداعمة للجهود العالمية لمكافحة الأيديولوجيات المتطرفة، إلى جانب شركاء من جميع أنحاء العالم. وقد تجلّى ذلك في أكثر من مناسبة، مثل الدور الحكيم الذي قامت به دولة الإمارات في التوسط لإنهاء أحد أطول النزاعات الحدودية في إفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا. وتقديم دولة الإمارات مساعدات إنسانية بقيمة 467 مليون دولار إلى دول منطقة الساحل بين عامي 2018 و2020، وقد تجاوزت ذلك أيضاً من خلال توفير فرص للتجارة والاستثمار لمساعدة تلك البلدان على تنشيط التنمية، والعمل على تقليص نسب الفقر والبطالة، فهذه المبادرات تعد من أنجح الطرق لحفظ الاستقرار وخلق بيئات طاردة للتشدّد والإرهاب.

إن الدول الحية والقوية تأسى لفَقْد الكبار الملهمين، لكنها تقف في الوقت ذاته شامخة في مواجهة التحديات، ومقبلة بعزم لا يلين على بناء المستقبل، استشرافاً وتخطيطاً وعملاً دؤوباً.
إنّ دولتنا، رغم الحزن على المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ماضية بثبات نحو مزيد من الإنجازات. وتوطد مسيرة التمكين والتطور والازدهار، معزّزة بوحدة الصفّ ولحمة القيادة والشعب، وصلابة الإرادة، وعظمة الأحلام، وقوة السواعد.

Email