مجلس يمني في مهمة وطنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

اليمن يدخل مرحلة جديدة، مجلس رئاسي جديد، الآمال معلقة على إحراز تقدم، ينتقل باليمن من مربع الساحة إلى مربع الدولة، التحديات كبرى، المجلس الرئاسي الجديد أمام اختبار صعب، ومهمة ثقيلة، لا مجال للرفاهية، لم يتبقَ في قوس الصبر منزع، لا بد من صنعاء، ولو طال التفاوض. الاستقرار وحلحلة التعقيدات على ذمة الأيام المقبلة. المهمة صعبة لكن، يجب ألا تكون مستحيلة.

في السابع من أبريل الماضي، تم الإعلان عن تشكيل المجلس الرئاسي الجديد، بعد مشاورات يمنية – يمنية، استضافتها الرياض، برئاسة رشاد محمد العليمي، ويضم في عضويته سبعة أعضاء، هم: سلطان بن علي العرادة، وطارق محمد صالح، وعبد الرحمن أبو زرعة المحرمي، وعبد الله العليمي، وعثمان مجلي، وعيدروس الزبيدي، وفرج البحسني. المهمة صعبة، لم يعد اليمن يحتمل مزيداً من الصراعات، انهيارات كبرى، اقتصادية وأمنية، ضربت البنية الأساسية لشكل ونمط الحياة اليمنية، المجلس الجديد في معركة مع الوقت، أو بالأحرى معركة مع الوجود، المهمة ثقيلة، لكنها ليست مستحيلة، إما استعادة الدولة، وإما البقاء في نقطة الصفر. اليمن يستحق، منا، نحن العرب، الاصطفاف والتكاتف، من أجل إنقاذه، وعودة هويته التاريخية والثقافية، وسط محيطه العربي.

السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، بعد أيام من تشكيل المجلس الرئاسي: هل سيكون هذا المجلس هو المرحلة الفاصلة، بعد العواصف التي ضربت جدار اليمن؟ وما المطلوب من المجلس للعبور باليمن إلى شاطئ الخلاص، مما يسمى بـ:«الربيع العربي»؟.

مهمة المجلس شاقة، مليئة بالتحديات، لكن لديه امتيازات مهمة، تعزز موقفه، تتمثل في ضمه لمختلف الكيانات الاجتماعية والسياسية الرئيسة، ومن ثم، فهي نقطة تفتح الباب للشراكة الوطنية، دون المغالبة من قوى على حساب أخرى، الأمر الذي يعطي الفرصة للأطراف المشاركة في وقف الصراع والتناحر المتبادل.

المجلس الرئاسي عليه أن يتحلى بفقه الأولويات في المرحلة الراهنة لليمن، والعمل وفق مجهود استثنائي، يهدف في المقام الأول، إلى توفير وتحسين الخدمات الحياتية للمواطن اليمنى، الذي عاش على مدار عقد مضى، سنوات، أقل ما توصف به، بأنها سنوات عجاف، ثم عليه أن يبذل كافة الجهود لتفكيك الألغام التي تعترض طريقه، من أجل ضبط الأمن والاستقرار، وتفعيل عمل مؤسسات الدولة بكفاءة، وأن يتحلى المجلس بمبدأ المسؤولية الجماعية، ويسعى لتحقيق أعلى درجة من التوافق، والعمل على تحقيق الإجماع المحلي للقوى والمكونات السياسية والمجتمعية، في إطار وحدة الصف الوطني، لاستعادة الدولة وتثبيت أركانها، ومؤسساتها الوطنية. هذا فضلاً عن التحرك السريع لفتح آفاق حوار وطني، من شأنه التأثير في الحوثيين، والتوصل إلى حلول سياسية عملية، تقود إلى وقف إطلاق النار بشكل عاجل، مع اتخاذ كافة الضمانات التي تحفظ ذلك، وتوحيد كافة القوى العسكرية، تحت لواء وزارة الدفاع اليمنية، والتوافق الكامل على المواجهة الفاصلة والقاطعة، لجميع الكيانات الإرهابية التي باتت تشكل الخطر الأكبر على الأمن القومي اليمني، وتقديم كافة أشكال الدعم للحكومة الشرعية، بما يحقق قدرتها على تلبية الضرورات الحياتية للمواطن، والعمل على خلق مقاربة سياسية واستراتيجية، تلقى الدعم المناسب من القوى الدولية والإقليمية، وشطب قاموس الاستقطابات، وتوحيد الأهداف، تجاه خريطة طريق واضحة، لدولة وطنية، يحكمها الدستور والقانون.

أخيراً، أستطيع القول بأن اليمن لا يحتمل أية تجارب، أو مشاهد تأزيم جديدة، وأن المجلس الرئاسي الجديد في اختبار فاصل، وفي مهمة وطنية، وأن الفترات المقبلة ستكون كاشفة لجميع الأطراف، ومن ثم، فإن اليمن لن يكون سعيداً، دون إرادة وطنية خالصة، وترجمة حقيقية لحمايته من الأطماع، والتمزيق، والتفتيت.

 

* رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي

Email