دروس عطرة من سيرة الشيخ زايد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتنسَّم التاريخ عبق سيرة عطرة، سيرة إنسان ملهم وقائد عظيم وأب شفيق على شعبه، ألا وهي سيرة المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي حمل على عاتقه همَّ إسعاد شعبه، وجعل ذلك غايته الأساس ومقصده الأول، وبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس، حتى أصبح مجتمع الإمارات من أسعد المجتمعات في العالم، كما حمل على عاتقه إسداء الخير للعالم أجمع، حتى أحبه القاصي والداني، وأصبح اسمه مقروناً بالأعمال الخيرية والإنسانية في شتى بقاع الأرض.

إن هذه السيرة المبهرة مدرسة إنسانية عظيمة، تزخر بالقيم النبيلة والأعمال الجليلة التي نستلهم منها الكثير من الدروس، ونستضيء بها، لأنها سيرة إنجاز وعطاء وتفانٍ وإخلاص.

لقد آمن الشيخ زايد طيب الله ثراه بأن الوحدة أساس القوة والازدهار، وأن المجتمع المتلاحم قوام نهضة الأمم، وترجم ذلك واقعاً عملياً، ففي خضم المصاعب والتحديات كانت رؤيته وحكمته وطموحه وعزيمته على صنع الاتحاد تذيب تلك الحواجز وتصهرها، حتى تمكن مع إخوانه المؤسسين من توحيد أبناء هذه المنطقة تحت راية واحدة، وإقامة دولة وطنية مزدهرة تتسلح بأرقى مقومات النهضة والتطور، لتشق طريقها بكل ثبات واقتدار، وتحقق الإنجازات المتتالية، وتتبوأ أرفع المراتب في غضون سنوات قليلة، ليؤكد الشيخ زايد رحمه الله بذلك أنه لا مستحيل إذا قويت العزائم والتقت على تحقيق الإنجازات، وأنه لا سقف لذلك في ضوء الطموح المتجدد والرؤية المستنيرة.

وقد انعكس ذلك واقعاً مشرقاً، فنجد المجتمع الإماراتي يقف صفاً واحداً خلف قيادته الحكيمة، في السراء والضراء، ويسير على بوصلتها في مواجهة التحديات والانطلاقة المشرقة نحو المستقبل الواعد، ويترجم للعالم أجمل قيم التلاحم والتآلف والوئام.

وإذا ذكرنا الشيخ زايد رحمه الله ذكرنا قيم التراحم والتضامن والبذل والعطاء، وذكرنا قيم السخاء والجود والكرم والوفاء، فقد كان رحمه الله منارة إنسانية متلألئة، وأيقونة خالدة للعمل الإنساني، حتى امتدت أياديه الكريمة البيضاء في كل مكان، دعماً للفقراء ومساعدة للمحتاجين ووقوفاً بجانب الأشقاء والأصدقاء في المحن والشدائد، وهو القائل رحمه الله: «إن الله سبحانه وتعالى منح الإنسان الخير لكي يسخره لمساعدة آلاف الأيتام والمحتاجين المعوزين وتخفيف الألم والمعاناة عنهم ومد يد العون والمساعدة لهم، ورعايتهم وإدخال البهجة والسرور عليهم»، وقد جعلت دولة الإمارات ذلك نهجاً مستداماً لها، حتى أصبحت من أكثر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية في العالم.

ومن الدروس العطرة التي نستلهمها من سيرة الشيخ زايد طيب الله ثراه قيم التسامح والأخلاق الرفيعة في التعامل مع الناس جميعاً، حتى أضحت دولة الإمارات نموذجاً رائداً في التعايش، وموئلاً لأكثر من 200 جنسية من حول العالم، يعيشون في دولة الإمارات في وئام وانسجام وحياة كريمة، في ظل قوانين تصونهم وتحمي حقوقهم، وفي ظل منظومة وطنية تسعى لتحقيق السعادة للجميع، وأضحى الإنسان الإماراتي متميزاً بأخلاقه الحميدة وقيمه الأصيلة أينما كان، واضعاً نصب عينيه في حله وترحاله قول الشيخ زايد رحمه الله: «إن الأخلاق والسمعة الطيبة هما ثروة الإنسان والأساس في التعامل بين الناس».

وما أحوج العالم اليوم إلى امتثال هذه القيم قيم التسامح والتعايش والأخلاق الراقية، ليس كشعارات تُرفع أو عبارات يُتَرَنَّم بها، وإنما كواقع ملموس وثوابت تُمارس، وخاصة في ظل موجات الكراهية والتعصب والتطرف التي اجتاحت بعض المجتمعات، ومنها تلك المجتمعات التي تتغنى بشعارات توقير حقوق الإنسان وصيانة حرياته، وإذا بالواقع يتصادم مع ذلك، فنجد الإساءة للآخرين، والاستفزاز لمشاعرهم، والاعتداء على مقدساتهم بشكل صارخ ومن دون أي اعتبار لتسامح أو تعايش.

ومن القيم التي نستلهمها من سيرة الشيخ زايد رحمه الله قيم التطوير والتغيير والتجديد، والسعي للأفضل دائماً، والتحلي بالعزيمة والإصرار على مواجهة التحديات، وعدم اليأس والاستسلام، سواء على مستوى الأفراد أو الأسر أو المؤسسات، وقد ضرب لنا الشيخ زايد رحمه الله أروع الأمثلة في ذلك، قال رحمه الله: «كان لدي إيمان بالله العظيم ورغبة في التغيير وعزيمة وإصرار على تحدي الصعاب، ووفقنا الله وأصبحنا قادرين على أن نغير الصحراء إلى جنان خضراء، وأن نغير حياة الإنسان، ونوفر له الحياة الكريمة والرفاهية». إن سيرة الشيخ زايد رحمه الله سيرة عطرة زاخرة بالدروس والقيم الملهمة، التي تستنير بها أجيال الحاضر والمستقبل.

Email