هل يعود تنظيم داعش الإرهابي للتمدد من جديد؟

من له مصلحة في عودة هذا التنظيم؟

هل هناك علاقة بين محاولات انتشار «داعش» وبين الصراعات العالمية الدائرة؟

لماذا ينشط هذا التنظيم الإرهابي مرة ثانية؟

وهل تحتمل الخرائط العربية أية محاولات للتلاعب مرة ثانية؟ وهل يتم استخدام تنظيم داعش كأداة لتنفيذ مخطط جديد مثلما تم استخدام جماعة الإخوان الإرهابية وغيرها فيما يسمى بالربيع العربي؟

وهل انسحاب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من العراق يساعد على عودة التنظيم؟

المشهد الحالي يقول إن تنظيم داعش الإرهابي يحاول التقدم من جديد، لا سيما في سوريا والعراق. التنظيم يسعى إلى وضع استراتيجية جديدة، يعيد بها ترتيب أوضاع خلاياه النائمة، التنظيم يستأنف نشاطه بارتكاب العديد من الجرائم في العراق وسوريا، عشرات التفجيرات في مناطق مختلفة في سوريا والعراق، مراكز الأبحاث المتخصصة، تقول إن تعداد عناصر التنظيم تصل إلى حوالي 10 آلاف فرد، يحاولون نشر أهدافهم ومخططاتهم في المساحات الأكثر رخوة، الشواهد على الأرض تقول: إن التنظيم يبذل جهداً لاستقطاب وتجنيد عناصر جديدة، كما أن الدوافع الحقيقية لتحرك التنظيم من جديد، تنطلق من عدم إزالة الظروف التي أدت إلى وجود داعش من الأساس، فضلاً عن أن هذا التنظيم الإرهابي يحاول اللعب على التناقضات والخلافات والصراعات المستمرة بين القوى التي تتسابق على الحكم والنفوذ، سواء في سوريا أم العراق، ففي سوريا على سبيل المثال، يستثمر هذا التنظيم الإرهابي حالة السيولة الداخلية بين المكونات السورية، ومن ناحية أخرى استثمار صراع الإرادات الدولية والإقليمية على فرض النفوذ في سوريا.

أما في العراق فقد حاول تنظيم داعش الإرهابي اللعب على أوراق الخلافات والقضايا غير المحسوبة حول المناطق المتنازع عليها، فضلاً عن أن التنظيم يحاول استثمار الاختلاف الدولي والعالمي حول آلية وطريقة الحرب ضد داعش، ومحاولة استغلال الظروف الجيوسياسية لبعض المناطق التي دخلت حيز التأزيم منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أو منذ أحداث ما يسمى بالربيع العربي في سوريا.

وسط هذه الظروف تقول المعلومات أيضاً إن تنظيم داعش الإرهابي يظن أن فرصته في الانتشار والتمدد باتت كبيرة، بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية إنهاء مهامها القتالية بنهاية العام الماضي، ومن ثم فإنه يسعى بكل قوة إلى إعادة ترتيب صفوفه من جديد، في محاولة لعرض مجهوداته، والقيام بدور الوكيل لبعض القوى الدولية، لا سيما أن هذا التنظيم يدرك جيداً تجارب نظرائه من التنظيمات الإرهابية التي يتم توظيفها في تنفيذ مخططات تقسيم الخرائط العربية، كما أن التنظيم يراهن على أن الفرصة سانحة، لتلقي دعم كبير من الولايات المتحدة الأمريكية، التي ترى في مصلحتها توسيع دائرة الصراع مع روسيا، ومحاولة خنقها، بفتح أبواب صدام لها مع هذا التنظيم في سوريا، ومن ثم دخول الكرملين في معركة استنزاف، قد يطول مداها وتسبب ضربات موجعة لروسيا.

في النهاية أرى أن الشواهد والمؤشرات تقول: إن تنظيم داعش الإرهابي يحاول العودة سريعاً والتوسع والتمدد، مستغلاً الظروف الداخلية والخارجية، وبالتالي فإننا أمام تهديد داعشي خطير يتطلب الآتي:

ضرورة الإسراع وبقوة إلى استكمال بناء المؤسسات الوطنية داخل مجتمعاتنا، بما يحقق الاستقرار ويغلق أبواب التنافس والصراع والخلاف، الذي يمنح قبلة الحياة لمثل هذه التنظيمات.

إدراك خطورة وأهمية ما يحدث من حولنا عالمياً وإقليمياً من صراعات كبرى، تذكرنا بأجواء الحروب العالمية، ومن ثم ضرورة اليقظة الشديدة تجاه تداعياتها، وتأثيراتها علينا في المنطقة العربية، فضلاً عن أهمية التضامن والتكاتف العربي لتجفيف جيوب «داعش»، خصوصاً في سوريا والعراق، اللتين تشكلان ساحات العمل السياسي للتنظيم، ومهد انطلاقه، كما يتطلب الأمر أيضاً بذل الحكومات والمؤسسات قصارى جهدها، في تقديم الخدمات الحياتية الضرورية والأساسية للمواطن، حتى لا يصبح عرضة للاختطاف والتجنيد من قبل هذه التنظيمات، والعمل على مجابهة هذا التمدد الإرهابي لداعش وغيره، من خلال توسيع رقعة العمران والبناء، وإعادة بناء الدولة الوطنية، وتقليل حدة البطالة، وخلق مشروعات تستوعب شباب هذه المجتمعات، التي تعاني من تصدعات الفوضى والتخريب، كل هذه المسارات قطعاً ستغلق أبواب التسريب أمام هذا التنظيم ورفاقه من التنظيمات الإرهابية.