نحن بحاجة إلى التسامح

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يوجد شخص منزه عن الغلط، من هو الشخص الذي لا يغلط؟ إننا جميعاً مطالبون بالتسامح، خاصة إذا عرفنا نوع الخطأ وكيف وقع، وهنا أتحدث عن الأخطاء العفوية غير المتعمدة، والتي نراها يومياً في مختلف بيئات حياتنا، بداية من العمل، ومروراً بالأسر وحتى في الشارع، هذه الأخطاء الصغيرة هي الدلالة على العادة البشرية في هذا السلوك، فنحن نخطئ بشكل مستمر، ولا يعني بأننا نتعمد أو عن قصد. هذا يقودنا لمحور يتعلق بكيفية تعاملنا مع بعضنا البعض، لأن الذي يحدث في كثير من الأحيان ونتيجة لهفوات أو أخطاء أو ممارسات نعتبرها غير صحيحة، أننا نسيء الفهم، وعليه نقوم ببناء أحكام قد تكون قاسية، وغير مبررة، بل البعض منا يقرر المقاطعة والدخول في نزاع، بينما الطرف الآخر بعيد تماماً عن سوء الفهم أو لا يعلم عنه أو حتى سببه.

غني عن القول، إنه لا سبيل لمعالجة مثل هذا الخلل، إلا بتقديم مبدأ حسن الظن، وأن يكون هذا دوماً عادتنا وسلوكنا، وهي أول ردة فعلنا تجاه ما يعكر مزاجنا ويزعجنا، ثم السؤال ومحاولة التقصي والفهم الصحيح لأي موضوع، وبطبيعة الحال من المطلوب عدم ترك الأمور تمضي دون تمحيص وتدقيق، لأن هذا التدقيق مفيد أولاً في تلافي سوء الظن وأيضاً يساعد كل طرف منا على فهم الآخر.

ولعل هناك نقطة مفيدة قد تساعد كل واحد منا على تقويم نفسه ومعالجة زلاتها، وهي التذكر دوماً أن ننظر للناس كما نحب أن ينظروا لنا، في هذا السياق استحضر مقولة جميلة للدكتور جيفري لانج، وهو بروفيسور الرياضيات في جامعة كنساس، قال فيها: أنا لا أفهم البشرية فكرياً، بل أفهمها من خلال كوني بشراً.

وهذا تحديداً الذي أريد الوصول له، وهو معرفة أن الآخرين بشر مثلنا يخطئون دون قصد، وفي أحيان بحسن نية، فلا داعي لإعطاء الأمور أكبر مما تستحق من الاهتمام، لنمنح هؤلاء الناس فرصة التعويض وتصحيح الأخطاء ومعالجتها دون هدر لإنسانيتهم، ببساطة متناهية لنعامل الآخرين تماماً كما نحب أن تتم معاملتنا، ليس أكثر ولا أقل.

نحن بحق بحاجة ماسة لنفهم بعضنا البعض، وأن نجعل لطيبتنا وتسامحنا الكلمة الأقوى، ونترك لقلوبنا حرية التصرف في مثل هذه المواقف.

Email