اصنع قصتك الخاصة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قرأت في أحد الكتب عن تجربة مؤلف مع برامج وطرق لتطوير الذات، ورغم أن تلك القراءة كانت منذ زمن ليس قليلاً، لكنني لم أنسَ رأيه حول تلك التجارب، وقد فكرت في آرائه عدة مرات ولم أجد جواباً شافياً إلا اليوم، ولكن أولاً سأحدثكم عن تجربة ذلكم المؤلف مع برامج تطوير الذات التي أتبعها، فقد كان ينتقدها بشدة، بل وقد كتب أنها سببت له مشاكل نفسية بسبب المثاليات الغير طبيعية فيها، خاصة البرامج الـ5 التي انضم إليها، فقد جعلته يتساءل عما إذا كان هو الوحيد الذي يعتقد أنها بشكل مبالغ فيه أو أنه هو الذي لا يملك القدرة على تطوير شخصيته؟ وبعد تلك التجربة الفاشلة قرر المؤلف أن يبتعد عن تلك البرامج بشكل نهائي.

والسؤال البديهي هل كانت تلك البرامج التي التحق بها ذلك المؤلف خاطئة؟ أو أنها برامج غير علمية ولم تصدر من مختصين في تطوير الذات؟ أم أن المشكلة في شخصية المؤلف نفسه؟

في الحقيقة إن ذلك ليس عائداً إلى تقصير في تلك البرامج التي انضم إليها، فهي 5 حسبما ذكره، ومن غير المعقول أن تكون جميعها تعاني من نفس المشكلة، إذاً الشيء الذي يرجحه الأغلبية هو أن المشكلة في شخصية الكاتب، لكن ذلك غير صحيح أيضاً.

إن المثالية التي كان الكاتب يتحدث عنها غير موجودة بالفعل، بل يوجد في حياته أشياء تمنعه من أن يعتبر تلك الدروس طبيعية، فقد كان يعاني من مشاكل مالية وضغوط حياتية تحدث عنها في جزء من كتابه، وقد ادخر من أمواله الكثير من أجل تلك البرامج الخاصة بتطوير الذات، معتقداً بأنه إذا قام بإصلاح عيوب شخصيته فسيصلح مشاكله الحياتية.

ما هو هدفي إذاً من أن أسوق لكم هذه القصة؟ وما هي النقطة التي أريد الوصول إليها؟

إن تلك الأمور قد لا تصلح دائماً، أعني بكلمة «الأمور» أنك قد تبحث عن قصص ودروس لكي تستفيد منها في حياتك، وهذا الشيء رائع، لكن تلك القصص قد لا تساعدك على وضع قيم ومبادئ لحياتك، ولن توجهك دوماً إلى الطريق الصحيح، لأنه في كثير من الأحيان من الضروري أن تخوض تلك التجارب بنفسك، وأن تبني قصتك الخاصة، فالأشخاص الذين كتبوا قصصهم ليشاركوا العالم تجاربهم في الحياة، ليسوا على علم بما سيترتب على قراراتك واختياراتك، ولا أحد يستطيع أن يخبرك بأن تلك الخطوات بالضبط هي التي ستجعلك ناجحاً.

ستجد القصص والتجارب في كل مكان، والنصائح التي يطرحها الناس بحسن نية متنوعة وكثيرة، لكنها ليست دوماً نصائح صحيحة، لأن أولئك الأشخاص كانوا يحكون قصصهم الخاصة، وليست قصتك أنت، وظروفهم التي أحاطت بهم وليست ظروفك أنت.

إن كل ما يستطيع فعله مقدمو تلك النصائح، هو إعطاؤك زيادة في وعيك وفهمك للحياة بشكل عام، لكنهم لن يوجهوك نحو الطريق الصحيح دوماً، لذلك ثق بنفسك واستمتع برحلتك فهناك طرق كثيرة حتى تصل إلى أهدافك.

Email