وهم اللحظة المثالية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكن كلمته هذه المرة عابرة رغم سماعي إياها سابقاً.. استوقفتني ملياً وكأني أشاهد واقعاً يستدعي التأمل.. قال كعادته: أنا أنتظر اللحظة المثالية.

هذه المرة توقفت عند كلمات صديق أعمل على تحفيزه للحياة، واستدعيت تجارب حياتية قرأت عنها وشاهدت بعضاً آخر في حياتنا اليومية، فلكل منا قصة.. ولكل منا تجربة حياة تختلف في خصوصيتها وجوهرها عن تجارب الآخرين، وإن تشابهت بعضها في الشكل العام. 

ولكل منا بصمة لا يمكن تكرارها.. فهناك بصمة الصوت واليد والعين، وكذلك هناك بصمة النفس.. بصمة الإرادة.. بصمة القلب.. بصمة السكون.. بصمة المثابرة.. وبصمة الحركة.

كثيراً ما نقرأ عن قصص النجاح في الحاضر والماضي، وتساءلت مع صديقي أين سيكون كل منا خلال العام الجاري والأعوام المقبلة، وما هي قصة النجاح التي سيكتبها أو ستكتب عنه، وهل نحن مستعدون لفعل ذلك؟.

أعتقد أننا جميعاً قادرون على تحقيق النجاح من الآن، ولتكن هذه اللحظة التي نعيشها الآن هي لحظة التغيير والإقلاع عن الانتظار لقادم لن يأتي إلا في خيالنا وأوهامنا.. كثير من الناس ينتظر اللحظة المثالية وكأنها هالة أو سحابة ستمر فوق رأسه، ليبدأ حينها التغيير والإبداع والتحول.

وخلال حديثي مع ذلك الصديق، قفزت إلى ذاكرتي ما رأيته خلال 5 سنوات من إحدى الباحثات عن عمل، حينما أصرت على الالتحاق بالعمل رغم انخفاض الراتب مقارنة بمؤهلاتها الجامعية.

اعتقدت حينها أنها في حاجة ماسة للمال، فسألتها لماذا تقبلين راتباً أقل بكثير مما يجب الحصول عليه، فكانت إجابتها بأن عبارة قرأتها قبل أيام دفعتها لتغيير نمط حياتها.

ازدادت دهشتي، وقلت لها: ما هي العبارة التي غيرت مجرى حياتك بهذه السرعة، فقالت: إن الحياة دائماً تمنحك فرصة ثانية هي الغد، وأن اللحظات لا تعلن عن نفسها عندما تأتي، وأن اللحظة المثالية نحن من نصنعها بمواجهة مشاكلنا واحتياجاتنا وبذل كل ما في استطاعتنا.

عدت إلى بيل غيتس وتوقفت عند مقولته حول الحركة والإرادة وصناعة اللحظة قائلاً: ماذا لو قال أحدهم لكريستوفر كولمبوس قبل أن يغادر الميناء متجهاً في رحلته لاكتشاف أمريكا: كريس، أرجوك، لا تبحر الآن، انتظر حتى نحل جميع مشاكلنا، الحروب والمجاعة، الفقر والجريمة، الأمية والأمراض.

وكما كان توماس إديسون مخترع المصباح الكهربائي عبقرياً في ابتكاره كان رائعاً أيضاً في مقولته بأن العبقرية: 1 % إلهام و99% عرق. 

وقد سبق سقراط الجميع حينما قال: لكي نحرك العالم علينا أولاً أن نحرك أنفسنا.

ولا شك في أن الجميع قد يمتلك الأفكار، لكن من يقرر تحويلها لواقع. كلنا نعلم أن الحياة لحظة، والنجاح حصاد لحظات العمل والجهد والمثابرة.. فلنحرك أنفسنا ونعرف أن اللحظة المثالية الحقيقية هي كل لحظة نحيا فيها من جديد، وهي يوم يمنحنا فرصة جديدة نستطيع بها تحقيق إنجازات لطالما حلمنا بها.

Email