الإمارات وعام الانطلاق للخمسين القادمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تدخل دولة الإمارات العام الجديد من خلال استراتيجيتها الجديدة التي أعلنتها في مبادئها العشرة للخمسين الثانية بعد أن أنهت الخمسين الأولى بمؤشرات تنموية أبهرت العالم. وتستهدف تلك المبادئ المحافظة على مسارها التنموي الذي عرفه المجتمع الدولي عنها واعتاد على رؤيتها في دولة الإمارات، لأن هذا الثابت في هذه الدولة منذ تأسيسها وهو متصل معها كذلك خلال الفترة القادمة رغم كل التغيرات التي تحصل في العلاقات الدولية من أزمات وقضايا.

ومع أن الإمارات وغيرها من دول العالم سوف يواجهون تغيرات دولية عديدة، مؤشراتها واضحة أمامنا منها التعامل مع تطورات ملف مفاوضات فيينا بين الولايات المتحدة وإيران التي ما زالت تجري فعالياتها في العاصمة النمساوية. وكذلك الملف العربي واحتمالات عودة نظامه الإقليمي الذي ينتظره العرب من خلال القمة العربية المزمع عقدها في الجزائر في مارس المقبل، حيث لا يزال ملف عودة سوريا محل نقاش بين العرب، غير تلك الملفات المفتوحة لقضايا الشرق الأوسط والبحث عن الاستقرار فيها.

كما أن هناك أموراً عديدة تغيرت في خريطة منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة الأخيرة من العام 2021 ولكن تبعاتها السلبية سيكون المطلوب من الإقليم التعامل معها، لأنها ستفرض على الجميع إعادة ترتيب مصالح دول المنطقة أبرزها الانسحاب الأمريكي المفاجئ من المنطقة وكذلك انسحابها أيضاً من العراق فهذا الخروج بتقييم المحللين سوف يقلب موازين القوى في المنطقة وبشكل أوسع في العالم الذي بدأت تبرز فيه قوتان عالميتان بجانب الولايات المتحدة فهناك الصن وروسيا.

إن عام 2022 يبدأ بالنسبة لدولة الإمارات وقد اتخذت موقعها في مجلس الأمن الدولي للفترة 2022 ـ 2023 وما يعقده العالم من آمال وطموحات عليها في البحث عن علاج للعديد من القضايا والأزمات في العالم، وكذلك تدخل هذا العام وقد أبدت رغبتها في عودة سوريا إلى مكانها الطبيعي في النظام العربي من خلال تلك الزيارة التاريخية لوزير الخارجية والتعاون الدولي سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى دمشق. أما عن الملف الثالث المهم هو الإعلان عن الانفتاح على الجار الإيراني لخدمة لمصالح البلدين حيث يتوقع أن تدخل العلاقات بينهما مرحلة جديدة في التواصل.

إن الإمارات تدشن العام الجديد بحصاد تنموي كبير يعطيها استعداداً وقدرة على التعامل مع الملفات الإقليمية والدولية. وبلا شك أنها ستستمر في العملية التنموية لها وبنفس الحماس والمؤشرات. كما يتوقع أن يكون عام الإنجازات على مستوى العالم تعزز من مكانتها في السياسة الدولية، كونها ستستضيف فعاليات عالمية جديدة بحجم إكسبو مثل قمة COP 28 المناخية في 2023، بعد حضورها النشط والبارز في قمة غلاسكو. وبقدر ما يمثل عام 2021 عام الإنجازات الكبرى بما فعلته من مشروعات إنسانية ضخمة فإن عام 2022 سيمهد للخمسينية الثانية القادمة التي تصل بالدولة إلى 2071 حيث التخطيط لأفضل دولة في العالم.

الخلاصة أن الإمارات ستفعل في عام 2022 ما اعتاد العالم منها أن تفعله هو مواصلة البناء الإنساني وتقريب وجهات النظر الدبلوماسية وطرح صيغة جديدة في التعامل مع الإقليم والخارج حول ما يجب أن تكون عليه العلاقات الدولية. والكيفية التي يجب أن تعالج بها القضايا والأزمات الخلافية. وسيكون الهدف الأساسي للتحركات الإماراتية هو تخفيف حدة الاحتقان والتباين، والانتقال إلى صيغ وتسويات تعاونية في نطاق الجوار الجغرافي. وفي المقابل توخي الأخطار والمفاجآت التي ما زالت تظهر علينا بين الحين والآخر آخرها أزمة وباء كوفيد 19 الذي لا يزال يباغت العالم بمتحوراته.

 

كاتب إماراتي*

 

Email