2022.. أمنيات عربية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرحل عام ويأتي عام جديد وتتراوح الأوضاع السياسية والأمنية في العالم العربي بين الحلم والواقع والأمل والرجاء. أي مواطن في أي قطر عربي لو سألته عن أمنياته للعالم العربي في العام الجديد؟ ستكون بالطبع رأب الصدع والعمل العربي المشترك، وأن تنتهي الصراعات والانقسامات وأعمال العنف في أكثر من دولة عربية ما زالت تعاني حتى اللحظة من الحروب الداخلية أو الانقسامات السياسية.

ربما تلوح في الأفق السياسي العربي بعض التلميحات والمؤشرات إلى إمكانية الخروج من المأزق الحالي لبعض الدول مع توافر إرادة سياسية نحو الاستقرار والمضي قدماً في الحوار والبناء السياسي تمهيداً للبناء الأكبر والأصعب، وهو بناء الدولة واستقرار شعبها والعمل على تنميته ورفاهيته.

المؤشر الأول الذي نراه قريباً هو القمة العربية المقرر انعقادها مارس المقبل في العاصمة الجزائر لبحث إصلاح الجامعة العربية بما يتماشى والرؤية المشتركة للعمل العربي. موعد عقد القمة التي طال انتظارها بعدما كان مقرراً لها في 31 أكتوبر 2020، يأتي هذه المرة في وقت حساس جداً تمر به العلاقات بين الدول العربية، خصوصاً بين الجزائر والمغرب، وتبادل الاتهامات بين الجانبين، لكن هناك أمل ألا تؤثر هذه التوترات على مجريات القمة على أن يبقى أمل ولو ضئيلاً في إحداث انفراجة بين البلدين الجارين سواء أكان قبل القمة أم خلالها وهو ما يحتاج إلى ما يمكن تسميته بـ«المعجزة السياسية».

المؤشر الثاني وهو ما حمله العام المنصرم من هدوء سياسي وعودة العلاقات الدبلوماسية بين قطر والرباعي العربي بشكل كامل، وخصوصاً بين القاهرة وقطر، وهو ما أسفر عن تبادل السفراء ومشاركة مصر في البطولة العربية لكرة القدم وكل الفعاليات الأخرى بما يؤشر إلى إمكانية تسييد النموذج إلى باقي العلاقات العربية العربية، وهو ما يقودنا إلى المؤشر الثالث المتعلق بالأوضاع في سوريا.

فعلى الجانب السياسي والدبلوماسي هناك تحركات حثيثة لعودة العلاقات مع سوريا العربية ولم تعد مسألة عودتها إلى مقعدها في الجامعة العربية سوى قرار يتخذه الأعضاء في القمة المقبلة، وربما تكون قمة الجزائر بمثابة نهاية القطيعة مع دمشق بعد أكثر من عشر سنوات.

فالتواصل العربي مع سوريا حدث ويحدث بأشكال عدة، إما باتصال قيادات عربية مع الرئيس السوري بشار الأسد بشكل مباشر، أو بتواصل سياسي اقتصادي مثلما حدث من إمداد لبنان بالغاز المصري عبر سوريا، بموافقة واشنطن، التي لا تزال تفرض عقوبات على الحكومة السورية ضمن بنود ما يعرف بـ«قانون قيصر»، باستثناء بعض الحالات، التي تأتي بتفاهمات مع الجانب الروسي. ما يحتاج إليه السوريون فعلياً على المستوى السياسي، هو عودة سوريا إلى الحضن العربي، على أرضية الحل السياسي العادل والشامل ربما يحرص عليها العرب قبل غيرهم، كون سوريا شريكة النضال العربي ودولة مؤسسة لجامعة الدول العربية، وبالتالي عودتها إلى دورها الإقليمي والعربي.

المؤشر الرابع في الحلم العربي هو تطورات الأوضاع في ليبيا، والتي يخشى الليبيون أن يتبخر الحلم الليبي على أرضية الانقسامات والتدخلات الخارجية، والنداءات الشعبية الليبية لكل المكونات في المشهد السياسي الليبي تضغط في اتجاه ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في 24 يناير الجاري بعد أن تم تأجيلها الشهر المنقضي لعدم انتهاء المفوضية العليا للانتخابات من مراجعة قوائم المرشحين، فضلاً عن أسباب أمنية أخرى.

وفي تقديرات مراقبين للأوضاع في ليبيا، فإن من أسباب فشل إجراء الانتخابات في موعدها أن ما انتظره رعاة حوار جنيف (بين الأطراف الليبية المتنازعة تحت رعاية دولية) من حكومة الوحدة الوطنية لم يتحقق، وأنهم راهنوا على الجواد الخاسر، لأنهم اعتقدوا أن الحكومة ستسيطر على الأوضاع في كل أنحاء ليبيا، وأن الأحوال الأمنية تتحسن تمهيداً للانتخابات.

ربما يتوقع الشعب الليبي أن تحدث المعجزة وتؤثر الأطراف السياسية المختلفة على مصالح ليبيا فوق المصالح الجزئية والحزبية والطائفية ويحدث التوافق بشأن الأساس القانوني للاقتراع، والتضارب في المصالح.

يبقى اليمن الذي يواجه تحديات صعبة بتدهور الأوضاع الاقتصادية وانهيار الأوضاع الصحية والاجتماعية في ظل إصرار جماعة الحوثيين على إهدار فرص السلام والحوار وتحولها إلى جماعة لا تبغي سوى العنف والإرهاب وتهديد جيران اليمن.

ورغم التصريحات المتواترة من العواصم الخليجية بأن كل المسارات مفتوحة، وبأن لا أحد يرغب بالحرب إلا أن الحوثيين يسيرون عكس هذه المسارات دون اعتبار لما حدث ويحدث للشعب اليمني.

الحال نفسه في السودان الذي يتمنى الجميع أن يخرج من مأزقه السياسي الحالي والعودة إلى المسار السياسي للانتهاء من المرحلة الانتقالية إلى سودان جديد، سودان ديمقراطي تنموي وحلحلة الأوضاع الحالية التي يدفع ثمن تعقيداتها الشعب السوداني.

* مدير تحرير «اليوم السابع» - مصر

Email