خريف «الإخوان» في تونس

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخناق يضيق عليها، ثقة الشارع تتراجع بقوة، يوماً بعد الآخر تنكشف حقيقتها، وألاعيبها، وخداعها، أمام الرأي العام التونسي. أتحدث عن تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية في تونس. العدالة تطاردهم واحداً تلو الآخر. الرئيس قيس سعيد يتخذ إجراءات حاسمة، وفاصلة لتطهير مؤسسات الدولة من بقايا هذه الجماعة، وقد فشلت عندما كانت في الحكم، وفشلت أيضاً عندما جلست في مقعد المعارضة.

الأجهزة التونسية ترصد تحركات هذا التنظيم بكل دقة، تم إحباط محاولات كبرى لتنفيذ عمليات اغتيال، بهدف نشر الفوضى، واستعادة مشاهد التخريب والدمار في تونس. الحكم على الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي بالسجن 4 سنوات، بتهمة التحريض على الفوضى داخل البلاد، واستدعاء جهات خارجية للتدخل في الشأن التونسي، جاء بمثابة حكم كاشف، وعنوان لحقيقة ما يخطط له هذا التنظيم وأعوانه.

تونس لن تعود إلى ما قبل 25 يوليو، قرارات الرئيس قيس سعيد جاءت قاسمة لهذه الجماعات الإرهابية، لم تستطع المقاومة، جرائمها أخطر من قدرتها على الصمود، اتهامات عدة في الفساد المالي والسياسي، والابتزاز والتورط في رشاوى اقتصادية وسياسية، قادة الإرهابية يريدونها لعبة صفرية، أرسلوا آلاف الشباب التونسي إلى الخارج، لتلقي التدريبات والمشاركة في المعسكرات تحت إشراف التنظيم الدولي الإرهابي، من أجل العودة إلى تونس، واستخدامهم في إشعال وتخريب البلاد.

صندوق الرئيس التونسي مليء بملفات التورط والفضائح للغنوشي وتلاميذه، ملايين الدولارات التابعة لخزينة الدولة تم استغلالها، وإنفاقها على شركات العلاقات العامة، وتبييض وجه الجماعة أمام الشارع التونسي، باءت هذه المحاولة بالفشل، برغم حجم ما أنفق عليها. استطلاعات الرأي العديدة تؤكد أن التونسيين لفظوا هذه الجماعة، وتنظيمها الإرهابي إلى غير رجعة.

المؤشرات تؤكد ذلك، فالشارع رفض الاستجابة لأية محاولات، أو دعوات من شأنها تأليب التونسيين ضد المؤسسات الوطنية، وأيضاً، ظهر ذلك بوضوح في ردود أفعال الشارع التونسي، وقد رحب كثيراً بالقبض على نائب رئيس حركة النهضة، كل الاتجاهات تشير إلى أن الأسوأ قادم داخل صفوف بقايا هذه الجماعة، المعلومات المؤكدة تقول إن الأيام المقبلة ستشهد فتح تحقيقات جديدة، وإعادة التحقيقات في ملفات قديمة تم التغاضي عنها، بذرائع الحصانة والمواءمات السياسية الإخوانية، عندما كانت لهم مساحة سيطرة على مؤسسات الدولة.

إذن، نحن أمام خطوات كبرى إيجابية، ستشهدها الدولة التونسية خلال هذا العام، هذه الخطوات تنطلق من شواهد تستند إلى حقائق ووقائع عدة يأتي في مقدمتها: أن الرئيس التونسي قيس سعيد، منذ أن أصدر قراراته التصحيحية مساء يوم 25 يوليو الماضي، صار الشارع التونسي يشعر بالاطمئنان، ويواصل دعمه للرئيس التونسي في كل الخطوات التي قام بها ضد هذه الجماعة الإرهابية وذراعها المتمثلة في حركة النهضة، وأن ردود الأفعال تؤكد أن قرارات يوليو إنما جاءت استجابة لمطالب واحتياجات الشارع، فضلاً عن أن الرئيس التونسي يواجه بكل قوة أي محاولات للالتفاف على هذه القرارات، وأنه يضرب بيد من حديد على أي أطراف، تحاول كسر طريق الإصلاح والاستقرار، ومحاولة اختطاف الدولة الوطنية مرة ثانية.

الشاهد الثاني، يتمثل في وضع الرئيس التونسي خارطة طريق سياسية، تلقى قبولاً وتأييداً واسعين من الشعب التونسي، تتضمن إنجازات كبرى، من بينها إجراء انتخابات برلمانية يوم 17 ديسمبر المقبل، في ذكرى «عيد الثورة»، الأمر الذي يعني أن تونس الجديدة تمضي في طريقها إلى الاستقرار، واستعادة مؤسساتها الوطنية، من خلال برلمان ونخبة سياسية جديدة، بعيدة عن الوجوه المرفوضة التي ظلت قابعة في سدة الحكم خلال عقد مضى.

أما الشاهد الثالث، فيتمثل في الرغبة القوية من الشعب التونسي في الحفاظ على هوية الدولة الثقافية الحضارية المستنيرة، المنفتحة على الجميع، التي تمثل الرقم الصعب في معادلة الاستقرار في البحر الأبيض المتوسط، وجنوب أوروبا.

يأتي الشاهد الرابع، متمثلاً في حالة التعافي التي يعيشها الوضع الصحي والاقتصادي في تونس، فقد سجلت أرقام منظمة الصحة العالمية تراجعاً كبيراً في أعداد الإصابات والوفيات جراء جائحة كورونا، وذلك بالتزامن مع عودة تعاون المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية مع المؤسسات التونسية، الأمر الذي يؤشر على ارتفاع منسوب الثقة العالمية في الاقتصاد التونسي.

كل هذه الشواهد تقول إننا أمام صعود تونس، وخروج مؤكد من عنق زجاجة التحديات، وفي الوقت نفسه قراءة دقيقة تقول إن تنظيم الإخوان الدولي، وذراعه التونسية، دخل في فصل «الخريف» وقد يبقى فيه إلى ما لا نهاية.

 

Email