الحلم الواعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم اختلاف طرق تفكيرنا وأولوياتنا إلا أن جميعنا لديه طموحات ورغبات يسعى دون كلل لمحاولة تحقيقها. نتفق جميعاً على أهمية سرعة الركض والعمل في هذا المضمار، وأيضاً نعلم أن خير مسلك في هذا المضمار الشاق هو التسلح بالعلم والمعرفة والجد والاجتهاد، هذا واقع لا فكاك منه، وهو واقع حياتي لدى البشرية بأسرها، هذا الواقع بكل الجوانب ومنها القاسي الجامد تجعل البعض منا عاشقاً للأحلام على نوعيها سواء تلك الأحلام التي يطلق عليها أحلام اليقظة أم أحلام المنامات. التطورات والمبتكرات والمخترعات التي تهدف لمساعدة الإنسانية وتسهيل سبل الحياة متواصلة، وهي مهمة لأنها تخدم جوانب ومفاصل مهمة في الواقع الذي نعيشه، لكننا اليوم نشهد تطوراً جديداً يستحق التوقف والتمعن في مغزاه ومعناه العميق، فاليوم تمكن العلماء من اكتشاف طريقة تستطيع من خلالها أن تتحكم بأحلامك، بمعنى يمكنك عندما تحلم أن تتحكم برؤيتك وتوزع الحدث وفق ما تريد فلا ترى أحلاماً مزعجة مخيفة، بل أحلام جميلة تتحكم خلالها بكل صورة دون أي عوائق فتشكل حلمك وكأنه فيلم يعرض أمامك، هذه ليست أمنية أو هدف يريد العلماء تحقيقه، بل هو اليوم أقرب للواقع، فقد نشرت وكالات الأنباء خبراً جاء فيه: ذكرت دراسة نشرت بموقع دورية «نيتشر نيوروساينس» على الإنترنت أن توصيل تيار كهربائي إلى الدماغ يحفز الحلم الواعي الذي يدرك خلاله الشخص أنه يحلم ويستطيع التحكم في سير الأحداث خلال حلمه. وهذه النتائج هي الأولى التي تظهر أن إطلاق موجات تحفيزية للدماغ وفق تردد محدد يجعل الإنسان قادراً على إدراك أنه يحلم. وقامت هذه الدراسة - التي قادتها الطبيبة النفسية اورسولا فوس من جامعة جيه.دبليو جوته في فرانكفورت بألمانيا - على دراسات معملية استمتع خلالها متطوعون بأحلام واعية وهو ما قالوه بعد الاستيقاظ من النوم. وأظهر التخطيط الكهربي للدماغ أن هذه الأحلام كانت مصحوبة بنشاط كهربائي يطلق عليه موجات «جاما». وهذه الموجات الدماغية تتصل بوظائف تنفيذية مثل مهارات التفكير العليا، وكذلك وعي المرء بحالته الذهنية، لكن لم يكن معلوماً وجودها خلال مرحلة الحلم خلال النوم. نحن نستبشر بهذه الدراسة العلمية وبنتائجها المذهلة، فالتحكم بالأحلام – الخيالات – أمر يستحق التوقف عنده مطولاً، وإن كانت الأحلام وما يصاحبها من أمور خارج نطاق المعقول لم تضر البشرية في أي يوم من أيام عمرها المديد على كوكب الأرض، فقد ظلت خيالات لا أساس لها في الواقع بل إنها لم تتقاطع مع الواقع في أي يوم من الأيام، فقد بقي الخيال خيالاً وبقي الواقع واقعاً، الذي نحن بحاجة له فعلاً أن نتمكن من تغيير الواقع المؤلم، الواقع الحزين، الواقع المحمل بالفشل والخيبات والتراجع، نريد أن نتمكن من جعل واقعنا واعياً مدركاً لحاجتنا الإنسانية ولتطلعاتنا. الأحلام ستظل أحلاماً حتى لو تمكن الفقير من التحكم فيها وتخيل أنه يملك الملايين أو تمكن المريض من تخيل أنه بصحة أو تخيل الحزين أنه سعيد وفرح أو الفاشل أنه ناجح، فالنتيجة النهائية أنها أحلام ولا شيء آخر.. نحن نحتاج الواقع بكل جوانبه.

Email