القمة العربية والعودة السورية

ت + ت - الحجم الطبيعي

باتت سوريا على مرمى حجر من العودة لمقعدها في جامعة الدول العربية، عندما تستضيف الجزائر القمة العربية في مارس المقبل لعدة اعتبارات من أهمها أن سوريا من الدول المؤسسة للجامعة في 22 مارس 1945، وأن استمرار استبعادها لا يصب في صالح العمل العربي المشترك، ولهذا أصبحت غالبية الدول العربية على قناعة كاملة بأن سوريا التي تم تجميد عضويتها في 11 نوفمبر 2011.

ينبغي لها العودة إلى مقعدها العربي حتى تستطيع الجامعة العربية لعب مزيد من الدور السياسي والإنساني على الساحة السورية، وكل هذا ساهم في خلق بيئة سياسية عربية داعمة ومحفزه لعودة دمشق إلى الجامعة العربية، ليس فقط بسبب تراجع عمليات القتال ونجاح الجيش العربي السوري في فرض سيطرته على غالبية الأرضي السورية وانحسار سيطرة الإرهابيين على محافظة أدلب شمال غربي سوريا.

بل أيضاً لأن الكثير من الحقائق قد تأكدت بعد أن خدع ما يسمى «الربيع العربي» الكثيرين طوال عقد كامل من الزمان، فهل تعود سوريا للجامعة العربية؟ وما هي المعوقات والتحديات التي تحول دون عودتها حتى الآن؟

خطوات متسارعة

شهدت المنطقة الكثير من الخطوات التي تؤشر على قرب عودة سوريا للجامعة العربية، لعل أحدثها موافقة الدول العربية الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط «أوابك» على استضافة دمشق لمؤتمر الطاقة العربي عام 2024، وليس هذا فحسب.

فالبيان الصادر عن وزارة البترول السورية كشف أن منظمة الدول العربية المصدرة للنفط وافقت أيضاً على ترؤس سوريا لمنظمة الأوابك لمدة عام بدءاً من 2022 خلفاً للمملكة العربية السعودية، الرئيس الحالي للمنظمة التي تضم الإمارات والجزائر والبحرين ومصر والعراق والكويت وليبيا وقطر والسعودية وسوريا وتونس، وحرص 7 وزراء خارجية عرب على الاجتماع مع وزير الخارجية السورية فيصل المقداد، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي.

كما أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي تستضيف بلاده القمة العربية وضع عودة سوريا للجامعة العربية على رأس الأجندة التي ستعمل عليها بلاده في الفترة القادمة.

بالإضافة إلى أن هناك دولاً عربية تدعو علانية لعودة سوريا للجامعة العربية في مقدمتها الأردن والجزائر والعراق، والإمارات التي شكلت زيارة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، لدمشق في 10 نوفمبر الماضي أبرز صورة على رغبة العرب في الانفتاح على سوريا.

لا تزال الولايات المتحدة تعارض بشكل علني التقارب العربي مع سوريا، ويشكل «قانون قيصر» الأمريكي الذي دخل حيز التنفيذ في 17 يونيو 2020، تهديداً لأي دولة أو شركة عربية أو غير عربية تتعامل مع الحكومة السورية، رغم أن واشنطن سمحت بوصول الغاز إلى لبنان عبر الأراضي السورية عبر طريق خط الغاز العربي، وهو ما يؤكد قدرة الدول العربية على تجاوز «قانون قيصر».

كما توجد بعض الخطوات الإجرائية التي يتوجب القيام بها حتى تعود سوريا للجامعة العربية منها ضرورة موافقة مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين على العودة السورية، وبعدها يتم رفض توصية بهذا الأمر إلى وزراء الخارجية العرب قبل أن يعلن الزعماء العرب رسمياً عن عودة سوريا للجامعة العربية، وحتى الآن لم تتقدم أي دولة عربية بإدراج عودة سوريا للجامعة العربية ضمن بنود الاجتماع العادي للمندوبين العرب الذي سيسبق اجتماعات القمة العربية القادمة، لكنه احتمال قائم بقوة في ظل البيئة السياسية الداعمة للعودة السورية إلى جامعة الدول العربية.

Email