مسارات الغزو الثقافي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشير مصطلح الغزو الثقافي إلى أي ممارسات وجهود تبذل من جماعة أو دولة ضد أخرى للسيطرة عليها وطمس هويتها وأصالتها، فهو احتلال للعقل وليس للأرض كما في الغزو العسكري، وقد شن هذا الغزو بصورة أخص على المجتمعات النامية لكي تتخلى عن تقاليدها وعاداتها.

مفهوم الغزو الثقافي
عندما تقوم أمة أو جماعة بالهجوم على مقومات وأسس ثقافة أمة أخرى من أجل تحقيق مآرب خاصة بها، وتفرض عليها معتقدات وثقافة مختلفة عنها لطمس معتقداتها وثقافتها الأصلية، فهذا ما يطلق عليه الغزو الثقافي، ويتم ذلك في هدوء ودون إثارة أي ضجيج أو لفت للانتباه، فهو يتعمد زعزعة المعتقدات الثقافية واستبدالها بثقافة ومعتقدات أخرى، إن هذا لا يعني أننا يجب أن نتجنب أي أمر خارج ثقافتنا، فمن البديهي أن نستفيد من محاسن الآخرين ونتعلم منهم أموراً جيدة، وندمج ما اكتسبناه داخل إطار ثقافتنا لا أن نتخلى بصورة كلية عن معتقداتنا وثقافتنا.

وسائل الغزو الثقافي
تتعدد وسائل الغزو الثقافي وأساليبه، فهو لا يترك مجالاً إلا وقد ترك بصمته فيه كالتعليم والتربية والأدب والأخلاق ووسائل الإعلام، والصحافة والفن وغيرها، فمن ضمن الوسائل والأساليب:

• بث الكثير من الحقائق المزيفة وتحريف الحقائق بما يتناسب مع أهدافهم وخططهم.

• تسميم العقول بآراء ثقافية تحول بينها وبين ثقافتها وآرائها المناسبة لمعتقداتها.

• بث الأفكار المغلوطة عن الحريات، فلا يستطيع الفرد التفريق بين الفوضى وبين الحرية، بين الالتزام والانحلال، بين الفضيلة والرذيلة.

• تشويه تاريخنا الإسلامي ونشر حقائق مزيفة عنه بصورة متعمدة من أجل التقليل من شأن السابقين؛ لكي يتخلى أبناء الأمة الإسلامية عما قدمه السلف من خدمات جليلة للدين.

• محاربة اللغة العربية، واستبدالها باللغات الغربية الأخرى ومحاولاتهم لجعلها هي اللغة الأساسية في التعامل؛ بحجة أن اللغة الغربية هي دليل التحضر والتقدم.

• الاستخفاف بالمعتقدات والأخلاق المرتبطة بالعادات والتقاليد والسخرية منها؛ بحجة أنها تدل على الرجعية والتخلف وعدم مناسبتها للعصر الحديث.

• إغراق وصرف انتباه الأجيال للملذات والرغبات حتى تكون شغلهم الشاغل، وينسوا التطوير والازدهار ووضع قيمة لأوطانهم.

مواجهة الغزو الثقافي بالتكاتف الوطني
وأما عن سبل مواجهة الغزو الثقافي والعودة للمسار الصحيح فيكون ذلك من خلال زيادة الوعي بالهوية الوطنية والولاء للوطن، والتأكيد على أهمية الثقافة والتاريخ الإسلامي المعتدل، وكذلك تربية عقول الشباب وتشجيعهم على التفكير والبحث فيما يتلقونه من الغرب، فليس كل ما جاء منه فيه منفعة. ومن الضروري إيقاظ وعي الشباب بدينهم ووطنهم ومحاربة الأفكار الهدامة وتعريفهم بتاريخهم الإسلامي والوطني المشرف لكي يتمسكوا بتقاليدهم وثقافتهم، وتشجيع كل ما هو مبتكر ومبدع حتى لا نترك تلك الفرصة للخارج للتأثير عليهم من هذا المنطلق وتشجيعهم للمشاركات المجتمعية والوطنية، إلى جانب أهمية دعم الأمن الفكري لدى الأجيال الحالية والقادمة وتدريبهم على حماية الذات والفكر، ومعالجة أي نقاط ضعف يمكن أن تستغل لتعزيز الأفكار الهدامة.

 

Email