الأحلام حقيقية أيها الأصدقاء !

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقول البعض من علماء النفس، إن الأحلام هي متنفس العقل، وإنه دون الحلم سيحيط بالإنسان السواد وستغطيه الظلمة، ذلك أن الحلم متنفس للروح والعقل.

وإذا أمعنا النظر فإنك ودون شك ستجد أن لهذه الكلمات شيئاً من المصداقية، خاصة إذا نظرت للصورة من زاويتها الأكبر وهي الأحلام الأشمل والأوسع، وأقصد أن تضم مع أحلام النوم أحلام اليقظة، بل وأحلام العقل وتطلعاته.

في هذا السياق يرى البعض أن أهمية الحلم للإنسان تتجلى في كون الحلم رافق كل فكرة عظيمة تمناها الإنسان، فمن الأحلام جاءت الأفكار، ومن الأفكار انبثق العمل على أرض الواقع، ولعل قصة الطيران وحلم الإنسان الأزلي خير دليل في هذا السياق، فكم كان الإنسان يحلم بالطيران، ومن هناك تحولت تلك الأحلام لأفكار لتصل لمخترعات لتصبح واقعاً نعيشه اليوم. دوماً تبدأ المشاريع الكبيرة من فكرة كان أصلها حلماً لا أكثر.

لكن في عالمنا العربي الوضع مختلف تماماً حتى في موضوع الأحلام، فنظرتنا لها ذاتية محدودة، وتوقفنا عندها وركزنا عليها، بالفعل لدينا مشكلة حقيقية ومتنامية، فنحن نعيش اهتماماً بالغاً بالحلم المنامي والافتتان بتفسيره لعله يحمل مبشرات للخير وتم الركون له، وبدأنا نلحظ أن مفسري الأحلام باتوا يقحمون أنفسهم في كل شيء، من الاقتصاد وأسواق المال إلى الرياضة ونتائج المباريات.

وصولاً للحوادث والنكبات وآلام الناس، لعل آخرها قصة الطفلة لمى، التي وقعت في بئر ارتوازية وأمضت نحو ثمانية عشر يوماً دون أن يتمكن رجال الإنقاذ من انتشال جثتها لنسمع وسط هذه الحالة الإنسانية أحد مفسري المنام يؤكد أنها غير موجودة في هذه البئر وإنما هي موجودة في مزرعة بالقرب من البئر، ليرد ذووها بأن المنطقة صحراوية ولا مزارع فيها. ليس هذا وحسب إنما بات لهؤلاء مصداقية أكبر وأعظم من البراهين والحقائق العلمية.

في حضارات وأمم أخرى كان للحلم وظيفة حقيقية، تجعل الإنسان ينتقل من هذه الحالة إلى الواقع، فيحاول أن يترجم تلك الأحلام لمخترعات، أما في واقعنا العربي بات الحلم وسيلة للشعوذة والإفلاس يغذي المحرومين بآمال غير حقيقية، فيزيد الركون والانتظار على أمل تحقق حلم شاهده في المنام بهبوط ثروة عليه، أو بحصوله على منزل أو سيارة فارهة..

حتى في الأحلام بات فهمنا متواضعاً وقاصراً، يقول أحد الأدباء إنني أحلم بالرواية التي أريد كتابتها وبأحداثها وتفاصيلها في اليقظة، بعدها أقوم بترجمتها كسطور وكلمات، يضيف أن هذه الحالة تعجبني، حيث أشعر بالانتصار لأني حولت الحلم إلى واقع وإلى كلمات.

مثل هذه الآلية في الكتابة يمكن أن نشاهدها كواقع على أمور أخرى حياتية مختلفة. هذه ليست دعوة للحلم، لكنها دعوة لتحويل أحلامنا لواقع، سواء كانت هذه الأحلام منامية أو أحلام يقظة أو حتى أحلاماً محملة بالآمال والرغبات، جميعها بالعمل والإصرار والتحدي يمكن ترجمتها على أرض الواقع. يقول توني كيد بامبيرا: «الأحلام حقيقية أيها الأصدقاء، الفشل في تحقيقها هو الشيء الوحيد الزائف».

Email