7 رسائل إلى ليبيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

مواجهة الفوضى وتحقيق الاستقرار، قرار ليس سهلاً. الإقامة في مستقبل آمن وطنياً، يحتاج إلى إرادة وطنية قوية. المحاولات مستمرة لإصلاح ما تم كسره بفعل فاعل منذ ما يسمى بالربيع العربي. استعادة دور العواصم العربية يتحقق تدريجياً واحدة تلو الأخرى.

ليبيا على الطريق، على بعد أمتار قليلة. تقف أمام صناديق الاقتراع، ليقول الشعب الليبي كلمته في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، المقرر إجراؤها يوم 24 ديسمبر.

الغيوم تتبدد، والعد التنازلي للأيام يأتي لصالح ليبيا الجديدة، كثرة عدد المرشحين شهادة جدية وقوة إرادة، لإجراء استحقاقات، تجعلنا نشعر بأننا ننتقل من «ليبيا» «الساحة» إلى ليبيا «الدولة»، من أجواء الفوضى إلى دولة المؤسسات.

ثمة منافسة قوية، بعض تفاصليها علني، والبعض الآخر خفي، مناورات العلن تكشفها مساومات الغرف المغلقة، في هذه اللحظات الصعبة يصبح للتاريخ كلمة، خريطة القبائل تحدد مسار عودة ليبيا إلى مفهوم الدولة الوطنية.

الملف الليبي بات الآن الشغل الشاغل للرأي العام الإقليمي والدولي، العبور بالدولة ومؤسساتها إلى المستقبل، رسالة بعلم الوصول إلى من يراهن على التراجع ومواصلة الفوضى.

المؤشرات تقول: إن هناك إرادة قوية في الداخل والخارج، لإجراء الانتخابات الليبية، من غير المنطقي أن هذه الدولة التي تمثل رابع أكبر البلدان مساحة في أفريقيا، والسادسة عشرة على مستوى العالم، تظل حبيسة التمزق والفوضى، ورهن أطماع وخلافات.

هذا المشهد الفاصل في مستقبل الدولة الليبية، بما يتضمنه من مرشحين لانتخابات برلمانية ورئاسية، وما يتضمنه أيضاً من صراعات وحسابات سياسية محلية وإقليمية دولية، يتطلب في هذا التوقيت عدة رسائل حاسمة، يأتي في مقدمتها ما يلي:

- دعوة جميع الأطراف الليبية داخل وخارج البلاد إلى ضرورة الوحدة والتماسك، من أجل الوصول إلى الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري، وإنجاح العملية الانتخابية، واحترام نتائجها، حتى لا يتكرر سيناريو عام 2014.

- العمل على تفعيل مبادرات ومخرجات جميع المؤتمرات الدولية، التي أقرت بضرورة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية.

- ضرورة الحفاظ على مقدرات الدولة وحماية مؤسساتها الوطنية، ووقف استنزاف الثروات الليبية، حتى تتمكن الدولة من التعافي واستعادة قدراتها الاقتصادية.

 - دعوة المكونات الليبية إلى ضرورة الالتزام بالجغرافيا الليبية، كوحدة واحدة لسلامة الأراضي الليبية، لكي تكتسب هذه الانتخابات مشروعية، واعترافاً وتمثيلاً قوياً أمام المجتمع الدولي.

- على دول الجوار الليبي ودول الإقليم، متمثلاً في جامعة الدول العربية، أن تبذل قصارى جهدها في تقديم جميع أشكال الدعم للانتخابات الليبية، لكي تصل ليبيا إلى محطة الاستقرار، وعودتها إلى محيط العمل العربي، كدولة لها دور فاعل في منظومة العمل العربي المشترك.

- من الضروري على المجتمع الدولي متمثلاً في الأمم المتحدة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بأن يقوم بترجمة مخرجات مؤتمر باريس، الذي عقد في الثاني عشر من نوفمبر الماضي، على أرض الواقع، من أجل حشد الدعم الكافي لإتمام العملية الانتخابية، وخروج الدولة الليبية من نفق مظلم بطول عشر سنوات، الأمر الذي يسهم بشكل كبير في تحقيق مصالح دول الجوار الأوروبي، والأفريقي، لا سيما المتعلقة بملفات مهمة، مثل الهجرة غير الشرعية، والإرهاب العابر للحدود، فضلاً عن ملفات التعاون الاقتصادي كالغاز والطاقة.

- على الشعب الليبي أن يدرك أهمية وضرورة التحول في اللحظات الصعبة من عمر الدولة الليبية، ويعمل جاهداً على استثمار الانتخابات وتحويلها إلى فرصة عظيمة لإنقاذ الدولة، وعودة مؤسساتها الوطنية، وإعمار ما تم تخريبه خلال السنوات الماضية، وهذا يتطلب إرادة حديدية لقطع الطريق على التنظيمات والجماعات الإرهابية التي تحاول عرقلة الوصول إلى صناديق الاقتراع، والتصدي لها بكل قوة، عبر الحشد والمشاركة الفاعلة في الانتخابات، لكي يقول الشعب كلمته أمام الداخل والخارج، ويستطيع تحرير ليبيا من قبضة الميليشيات والمرتزقة الأجانب، وحالة الفوضى واللا دولة.

 

* رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي

Email