إكسبو دبي 2020.. رسائل إلى العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدت سلمى ذات الـ 9 سنوات مسرورة وهي تقلب بين يديها صفحات الجواز «الأصفر»، وبصوت مرتفع تحاول أن تسمع والديها أن صفحاته لم تنته بعد، وتحتاج إلى ختمها من بقية الأجنحة بإكسبو الذي ما زال في أسابيعه الأولى: فمتى أذهب إلى المعرض؟ تسأل سلمى أمها.

ومن سلمى إلى جموع الزوار، فاليوم الجميع يتحدثون عنه في منازلهم ومكاتبهم والمقهى الذي يرتادونه، ويرسلون أخباره وصوره إلى من استطاعوا الوصول إليهم عبر هاتفهم في الدولة وخارجها.

وإكسبو 2020 دبي بنسخته الإماراتية المميزة الذي افتتح أبوابه بداية أكتوبر الماضي وشهد العالم جانباً من عروضه الباهرة، كان مر بمشاعر مختلفة لدى الناس خامرت نفوسهم بين أمل ويأس، فحلول الجائحة ضيفة ثقيلة الظل على العالم بأسره لمدى سنتين تقريباً، وما خلفته من اضطرابات بأكثر من اتجاه ومستوى على كوكب الأرض، جعل الأمر صعباً ويحتاج إلى قرار حاسم واستثنائي بكل المقاييس، وهذا ما كان وحدث، إذ كان لا بد للإرادة من أن تنتصر وللرؤية من أن تتحقق، فكانت التظاهرة وفقاً للخطة عرساً عالمياً فاق المعايير وبمشاركة عالمية كانت أكبر من المتوقع، أقبلت فيها الدول على دبي تحمل أفكارها وابتكاراتها التقنية وثقافتها وموروثها وتاريخها الحديث، جاءت بمحمولات الزمن الراهن، وبذور خصبة لتربة المستقبل، لغد الإنسان الذي سوف يكون مختلفاً عنّا بأكثر من معنى وطريقة، إنسان له تفكيره ونمط عيشه وله عالمه وأحلامه، هذا ما نطق به شعار «تواصل العقول وصنع المستقبل».

إن معرض إكسبو ليس عادياً كباقي المعارض التي ارتادها الناس وشهدها العالم من قبل، بل هو معرض المستقبل وللمستقبل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فمنذ تأسيسه في القرن الـ 19 وبالتحديد في العام 1851 هدف من إقامته إلى عرض ما بذل حتى الوقت الراهن من جهود في الموارد المتاحة للإنسان لتلبية حاجات الحضارة واحتياجات النشاط البشري من أجل التقدم والوصول إلى آفاق مستقبلية، ولعل هذا التعريف الجامع هو الذي يلخص رسالة المعرض وغايته منذ انطلاقته. وعلى مدى التاريخ الطويل لتنظيم معارض إكسبو الدولية، لم يحدث أن تمت استضافته من قبل في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا سوى هذه المرة في دولة الإمارات العربية المتحدة بمدينة دبي، المدينة التي يعلم القاصي والداني أنها الأميز بين مدن العالم من حيث الإمكانيات اللوجستية الضخمة عالية المستوى، يدعمها عاملان الأول: موقعها الاستراتيجي، إذ بإمكان ثلثي سكان العالم الوصول إلى دبي خلال مدة لا تتجاوز الـ 8 ساعات جواً، والعامل الثاني: البنية التحتية التي فاقت مستوى العديد من مدن العالم، وهذا العامل الأخير إضافة إلى معايير أخرى هو ما شكّل الأساس الذي ارتكز عليه ملف الاستضافة. إن إكسبو 2020 دبي هو في الحقيقة مجموعة رسائل إلى أمم العالم وشعوبه.

Email