نموذج للكسب المشترك في العصر الجديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمثل 2021 عاماً صنعت فيه الإمارات التاريخ، فقد نجحت في السيطرة على الوباء، في الوقت الذي لا يزال الوضع الوبائي شديداً في العالم، إذ تقل حالات الإصابة المكتشفة يومياً بالإمارات حالياً عن 100 حالة، كما أن الانتعاش الاقتصادي متواصل، وهو ما جعلها متفوقة في كل العالم.

بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية بدبي في النصف الأول من العام الحالي 722.3 مليار درهم، فسجلت بهذا الرقم نسبة نمو قياسية بلغت 31%، وتجاوزت بشكل كبير ما بلغه بالفترة نفسها من عام 2019، إذ بلغ 676 مليار درهم وعام 2020 بلغ 550.6 مليار درهم، وهو ما يمثل نمواً بارزاً ونتائج رائعة.

ويمكن القول إن الأخبار المفرحة توالت في الفترة الأخيرة، إذ تم على التوالي تنظيم سلسلة من المؤتمرات الدولية بدبي شملت افتتاح إكسبو 2020 دبي بنجاح والدورة الـ72 لمؤتمر الفضاء العالمي والاجتماع السنوي السادس لبنك الاستثمار الآسيوي والدورة الـ41 لمعرض المعلومات والتكنولوجيا الخليجي ومعرض دبي للطيران لعام 2021 وغيرها.

وهو ما سلط الضوء على اعتراف العالم بشكل كامل بالإنجازات التي تمثلت بالانتعاش الملحوظ لاقتصاد دبي ومقاومته الوباء، وخاصة افتتاح إكسبو دبي الذي ضخ قوة دافعة قوية لمواصلة التنمية الاقتصادية في الإمارات. ويتوقع معهد بحوث الاقتصاد بجامعة أكسفورد (Oxford Economics) أن الناتج المحلي بالإمارات سيحقق في العام المقبل نسبة نمو قدرها %6.5.

وستحتفل الإمارات قريباً بالذكرى الـ50 لتأسيسها، وقد أعلنت حكومة الإمارات أخيراً عن التطلعات التنموية في الـ50 سنة المقبلة وأهداف صفر انبعاث بحلول عام 2050 وغيرها من التطلعات، وهو ما يظهر الثقة القوية بالنفس التي تتحلى بها الإمارات تجاه التنمية المستقبلية.

وفي ظل الوباء هذا العام تصل التجارة بين الصين والإمارات إلى مستوى مرتفع جديد، فالصين ظلت تحتفظ بمكانتها أكبر شريك تجاري لدبي، إذ بلغ حجم التجارة بين الجانبين في النصف الأول من العام 86.7 مليار درهم بنسبة نمو قدرها %30.7، وقد أصبحت التجارة الثنائية القوية داعماً قوياً لانتعاش الاقتصاد الإماراتي، ويظهر الاقتصاد الصيني مرة أخرى قوته بوصفه محركاً رئيساً للاقتصاد العالمي.

وفي ظل خفض اقتصادات العالم الرئيسة نسب نموها المتوقعة، تزداد نسبة نمو الاقتصاد الصيني في الفصول الثلاثة الأولى من هذا العام بنسبة قدرها %9.8 على أساس سنوي، وهو ما يزيد بشكل كبير على النسبة التي وضعت مطلع العام والتي بلغت أكثر من %6 على أساس سنوي، ويزيد أيضاً على معدل سرعة النمو العالمية وسرعة نمو الاقتصادات الرئيسة.

وعلى أساس النسبة البالغة %2.3 التي حققتها الصين العام الماضي بوصفها الاقتصاد العالمي الرئيس الوحيد الذي حقق نمواً إيجابياً في هذا العام، تتوقع الهيئات الدولية المعنية عموماً أن الصين ستحقق هذا العام نسبة نمو اقتصادي تبلغ أكثر من %8.

تشير مؤشرات مختلف مجالات الاقتصاد الصيني إلى وضع جيد بشكل شامل ويتعزز بقوة زخم التنمية عالية الجودة، كما تحظى التنمية الإبداعية القائمة على الصناعات التي تستخدم التقنيات الفائقة بزخم نمو جيد، فقد نمت القيمة المضافة لقطاع الصناعات عالية التقنية بنسبة %20.1.

كما يتحسن الهيكل الاقتصادي بشكل مستمر، ويزداد أيضاً الحجم الإجمالي للواردات من السلع بنسبة %22.7 على أساس سنوي، وتزداد صادرات المنتجات الميكانيكية الكهربائية بنسبة 23%.

ومن المتوقع أن يحصل الإنتاج الزراعي الوطني على حصاد آخر هذا العام، فقد تزداد المحاصيل للحبوب الصيفية في البلاد بمقدار 3.7 مليارات كيلوغرام على أساس سنوي. أما التشغيل فمستقر بشكل عام، ففي الفصول الثلاثة الأولى بلغت فرص العمل الجديدة في عموم المناطق الحضرية والريفية 10.45 ملايين وهو ما جعل الهدف السنوي يتحقق بنسبة %95.

لقد أصبح الزخم الجيد طويل الأمد هو ما يميز اقتصاد الصين بإجماع المجتمع الدولي، فالصين لديها اقتصاد ضخم يتحلى بصلابة قوية، وتعود هذه الصلابة إلى القوة التنافسية للسوق بحجم يقرب من 150 مليوناً، وتعود لمنظومة اقتصادية متكاملة وترجع أيضاً إلى سوق داخلي ذي حجم ضخم وكذلك نضال لا يعرف الكلل ولا الملل لتطلع أكثر من مليار نسمة لحياة أفضل.

إن الحزب الشيوعي الصيني الذي عاش تاريخاً يبلغ قرناً منذ تأسيسه وتاريخ حكم يزيد على سبعين عاماً وأكثر من أربعين عاماً منذ تطبيق الإصلاح والانفتاح، فإن ما يتحلى به من تجارب غنية في الحوكمة والإدارة، وكذا روح الابتكار الذاتي المتمثل بتكريس الجهد لتحديث نظام وقدرة مستوى الحوكمة، كل هذه الأمور توفر بلا شك القوة الأكثر صلابة لتطور الاقتصاد الصيني على المدى البعيد.

يتقدم الاقتصاد الصيني اليوم بخطى ثابتة على مسار التنمية عالية الجودة، كما تحرز الإمارات نتائج متزايدة على مسار التحول صوب اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا. وبوصفهم أصدقاء وشركاء مخلصين نجحوا في قهر الوباء وتحقيق انتعاش اقتصادي سريع، حقق اقتصادا البلدين تعميقاً للتعاون والتنمية المربحة المشتركة.

كما تواصل مشاريع «الحزام والطريق» الرئيسة تقدمها لتصبح مثالاً نموذجياً للكسب المشترك والتنمية التعاونية في العالم. وبالتطلع إلى عصر ما بعد الوباء فمن المؤكد أن هناك مستقبلاً أكثر إشراقاً ينتظر علاقة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والإمارات.

* القنصل العام الصيني بدبي

Email