تتجدد في الثالث من نوفمبر مناسبة وطنية متلألئة، تنثر عبق التلاحم والتكاتف في كل ربوع الوطن، ألا وهي مناسبة يوم العلم، حيث ترتفع أعلام دولة الإمارات فوق المنازل والمؤسسات ومختلف المباني، لترفرف خفاقة شامخة تعانق النجوم عزاً وفخراً.

تعود بنا هذه المناسبة إلى ذكرى أول يوم رفع فيه علم الإمارات، وهو الثاني من ديسمبر عام 1971، اليوم الذي أُعلن فيه عن قيام الاتحاد، مؤذناً بميلاد دولة جديدة، سرعان ما شقت طريقها بكل عزم وتصميم وطموح إلى قمم الإنجازات المتواصلة والقفزات النوعية المتلاحقة، حتى استطاعت في غضون سنوات قليلة أن تُحدث تحولاً نوعياً شاملاً في كل النواحي والمجالات.

لتكون هذه القيم قيم الطموح والإنجاز ركيزة أساسية مستدامة، تنتجها قيادة دولة الإمارات وشعبها، فلا تتوقف قاطرة الإنجازات في دولة الإمارات عند محطة أو محطات.

بل تمضي بخطى متسارعة لتحقق إنجازاً تلو إنجاز، متغلبة على كل الصعاب والتحديات، بإرادة لا تلين وعزيمة لا تُكسر، ولو تأملنا فقط السنتين الأخيرتين لرأينا إنجازات مذهلة وصلت حتى الفضاء، وذلك في أوج أزمة كورونا، في وقت عانت فيه دول وتهاوت أنظمة صحية واقتصادية وتقهقرت مجتمعات، بينما لم تكن تسمع في دولة الإمارات إلا الإنجازات المبهرة.

تتجدد في يوم العلم كذلك قيم الوحدة والتلاحم والتكاتف بين أبناء الإمارات قيادة وشعباً، وتلك من أهم ما يميز هذا المجتمع الأصيل، فهم يرفعون معاً راية وطنهم، بقلوب متوحدة، وأرواح متعانقة، ليكونوا بذلك نموذجاً ملهماً لدول العالم ومجتمعاتها، يؤكدون أن الخير والسعادة والازدهار لا يتحقق إلا في ظل تلاحم ووئام وتعايش وسلام، وتغليب للقيم الوطنية، والتحلي بالمواطنة الإيجابية، فالجميع تحت راية العلم إخوة في الوطن، تجمعهم روابط ومصالح.

ومن واجبهم وضع أيديهم في أيدي بعض للارتقاء بوطنهم، وتحقيق مجده وازدهاره، وما أحوج كثير من المجتمعات اليوم لتعزيز هذه القيم فيما بينهم قيم المواطنة والتعايش والتسامح والسلام، وأن يسعوا جاهدين لرأب الصدع، وإطفاء الصراعات، ولا يتأتى ذلك إلا بالتجرد من الحزبية والطائفية والأنانية والتطرف والإرهاب، وكل آفة تفرق الصفوف وتمزقها.

كما تتجدد في يوم العلم قيم الوفاء والعرفان للقادة المؤسسين، الذين بذلوا الغالي والنفيس لنهضة الوطن ورعاية أبنائه، وتعزيز صرح الاتحاد، وترسيخ بنيانه، ليكتب التاريخ إنجازاتهم في صحائف من نور، ولتبقى ذكراهم خالدة في النفوس، تتناقل الأجيال محبتهم، وتفتخر بإنجازاتهم، وتردد بالفخر أمجادهم كلما رفعوا علم وطنهم، ويتخذ منهم العالم قدوات ملهمة لتعزيز القيم الإيجابية في المجتمعات، وترسيخ مبادئ التلاحم والوئام، وإنكار الذات في سبيل نهضة الأوطان وتنميتها.

ويتميز يوم العلم هذا العام بمصادفته اليوبيل الذهبي لدولة الإمارات، بمرور خمسين عاماً على الاتحاد، وما يحمله ذلك من تقدير للإنجازات التي تحققت خلال هذه السنوات الماضية، وطموح لا سقف لتحقيق المزيد والمزيد من الإنجازات النوعية في الخمسين سنة القادمة.

وما يتطلبه ذلك من قيم الإبداع والابتكار واستثمار المواهب والكفاءات وتعاون الجميع مواطنين ومقيمين، والسعي الدؤوب للمؤسسات والموظفين للتطوير المستمر، ليرفرف علم الإمارات فوق قمم الإنجازات الشاهقة التي تنافس بها العالم صدارة وريادة.

وإن من أهم الفئات التي تقع على عاتقها المسؤولية الكبيرة في بلوغ هذه الغايات السامية فئة الشباب ذكوراً وإناثاً، فهم قلب الوطن النابض، وروحه المشرقة، وزهرته الناضرة، وهم موضع نظر قادتهم ومجتمعهم،.

ومن واجبهم المحتم أن يثابروا ويجتهدوا، ويسعوا دائماً إلى تنمية أنفسهم وتطوير مهاراتهم، واكتساب المواهب والخبرات، وخاصة فيما يخدم وطنهم، وفي المجالات التي تشتد الحاجة إليها، سائرين وراء قادتهم لبناء الإنجازات التي تحقق التنمية المستدامة لوطنهم.

نعم، يرفرف العلم عالياً في سماء الإمارات، ليروي للأجيال قصة ملهمة عن وحدة شعب وازدهار وطن، ورؤية طموحة لقادة لا يعرفون المستحيل، وقيم أنشأت أمة نافست الأمم في تشييد صروح التقدم والتطور والازدهار.

* كاتب إماراتي