مهارة اجتماعية نحتاجها

ت + ت - الحجم الطبيعي

قرأت قبل فترة من الزمن، في أمثال الشعوب، ومنها مثل ياباني جاء فيه: في المديح بداية الشتيمة. وأعتقد أن هذا المثل يشير إلى جانب حياتي البعض منا مر به أو تعرض له، حيث يسرف في إزجاء المديح والثناء على البعض من العابرين في حياته، ثم أمام أول موقف من الاختلاف أو تعارض المواقف والمصالح، أو عند حدوث شجار لأي سبب كان، عندها ينتهي كل ذلك المديح وتحضر الكلمات القاسية المحملة بالنقد اللاذع. تعلمنا الحياة الاجتماعية، وتعاملاتنا المختلفة مع الآخرين، أن يكون المديح والثناء على قدر المعروف، وعدم المبالغة، وعدم تجاوز هذا المديح للحقيقة أو المدح بما ليس فيه من حقائق أو خصال، لأن كلمات المديح والثناء المبالغ فيها، عندما تكون عامة وشاملة لخصال وصفات هي في الحقيقة غير متواجدة في الشخص الذي نمدحه ونثني عليه، فإننا نكون كمن كذب. صحيح أنه من الجميل الثناء على الآخرين ورفع معنوياتهم وإزجاء الشكر والتعبير عن العرفان لهم، لكنه يكون أجمل وأكثر وفاءً عندما نقدم هذا المديح لمن فعلاً يستحقه، لأنه عندما نتعود على الإشادة والشكر المبالغ فيه والثناء في غير محله، وبشكل دائم حتى من ليس هو أهل للشكر والعرفان، بل لم يقدم ما يشفع له بأن يستحق الثناء، أقول بأن التعود على المديح المبالغ فيه، قد يكون ظلماً للآخر، لمن يستحق فعلاً الثناء والمديح. أرى أنه من الأهمية أن نتوازن في كلماتنا وثنائنا ومديحنا، وأن تكون على قدر الفعل وحجمه، هذا التوازن يجنبنا الكلمات الغاضبة الشاتمة عند الاختلاف والعراك اللفظي أو عند تباين المشاعر وتنافر الأرواح. التوازن في علاقاتك وثنائك وعدم مبالغتك مهارة اجتماعية، معظمنا يحتاج التدرب عليها، وهذا لا يعني تجاهل الآخرين، وعدم الثناء لأهله، وعدم مديح من يستحق المدح، بل يعني منح كل إنسان ما يستحقه.

Email