ساريةُ المجد ووحدة القلوب

ت + ت - الحجم الطبيعي

لكل دولة علَمٌ هو تجسيد لشخصيتها الوطنية، ودلالة رمزية على اعتزازها بنفسها واستقلالها عن الآخرين، تحرص على بقائه عالياً مرفوعاً بأيدي أبنائه،مرفرفاً في سماء الوطن، محفوظاً من كل ما يمسّ هيبته ورمزيّته، تلتفُّ حوله القلوب قبل السواعد، وتفتديه بالمُهَج والأرواح حين يناديهم منادي الفداء، وتصوغ له أجمل الترانيم والألحان التي تتغنى بروعة حضوره في القلب والوجدان.

وللإمارات العربية المتحدة عَلَمٌ عزيزٌ على القلوب، كبيرٌ على الصَّغار والهوان، كان هو ثمرة توحيد البلاد بعد جهود شاقة مضنية بذلها المؤسسون الأوائل من فرسان الوحدة الوطنية، الذين ما طابت لهم حياة، وما لانتْ لهم قناة حتى رأوْا علم الإمارات يرفرف في سماء البلاد مُعلناً ولادة دولة جديدة، ومُحقّقاً لأبناء هذا الوطن هويّة تجمعهم، ودولة تُوحّد قلوبهم، ورايةً تجمع سواعدهم القوية المعطاءة على خير الوطن والسعي في بناء مجده ورفعة شأنه.

وللعَلم في وجدان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، مكانةٌ أعْظِمْ بها مِنْ مكانة، ولا أدلّ على ذلك من تلك القصائد البديعة الفخمة التي كتبها في مجد هذا العلم، ودعوته الصادقة إلى الالتفاف حول علم الوطن باعتباره رمزاً للوحدة الوطنية، وميراثاً جليل القدر توارثناه عن قادتنا السابقين الذين غادروا هذه الدنيا وأيديهم متكاتفة حول علم البلاد، وكلماتهم واضحة لا تقبل التأويل لكل من سيتسلّم أمانة الحكم في هذا الوطن: لا تخذلوا علم الوطن، وكونوا فرسان العلم الذين يفتخر بهم الوطن، وتعلو بهم جبهته بين الأمم، وهو ما عبّر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بكل أصالة واقتدار في قصيدته الرائعة «فرسان العَلَم» حيث يقول:

العَلَمْ لي كان زايد رافعنّه

هو أمانتنا نعيش ونرفعَهْ

بالدِّما له نفتدي ونذودْ عنّهْ

وفي القلوب وفي المشاعر نزرعهْ

للوطن مِنّهْ ولهذا الرمز منّهْ

في يد القايد وشعبه يتبعه

وتأكيداً على هذه المشاعر الصادقة المتجذرة في أعمق نقطة من الوجدان، نشر صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد تغريدة ثمينة على حسابه في «تويتر» بمناسبة احتفال الإمارات بيوم العلم في عامها الخمسين، حيث خاطب أبناء الوطن وبناته بلغة مفعمة بالحب والمودة داعياً إلى إظهار أجمل مشاعر الفرح الصادق بمناسبة هذا اليوم العزيز على قلب كل مواطن يعيش على ثرى هذا الوطن الحبيب.

«الإخوة والأخوات: ستحتفل الإماراتُ بيوم عَلَمِها في عامها الخمسين في الثالث من نوفمبر القادم، سنرفعه على وزاراتنا ومؤسساتنا بشكل موحّد الساعة 11 صباحاً»، بهذه اللغة الفيّاضة بالحب والإخاء يخاطب صاحب السموّ إخوانه وأخواته من أبناء الوطن الذين تجمعهم به رابطة الحب لهذا الوطن الذي يستحقّ كلّ الحبّ وكلّ الوفاء، لا سيّما في هذه المناسبة العزيزة والذكرى الجليلة التي معها ظَهَر الوطن موحّداً قويّاً منيعاً، له مكانته المرموقة بين الأمم والشعوب، فكان حقّاً واجباً على جميع أبنائه صيانة هذا الميراث الحضاري الوطني العظيم وعدم التفريط به تحت أقسى الظروف، فالإمارات بحسب قول صاحب السمو هي الدولة العربية الوحيدة التي ظهرت من خلال وحدة أقسامها وليس من خلال انقسامها، فهي دولة فريدة التكوين، ولقد استقبل العالم العربي حدث الاتحاد بكل مشاعر البهجة والتأييد والاحترام لهذه الحكمة القيادية التي استطاعت في زمن التشرذم إنشاء دولة متوحدة يحرص صاحب السمو وإخوانه من قادة الدولة على أن تظل سائرة على النهج القويم الذي اختطه طيب الذكرى الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، والرجال القادة الذين كانوا معه وعاهدوه على حماية هذا الوطن من لوثة التفرق وغائلة الانقسام.

وها هو صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد يخاطب أبناء الوطن للتعبير عن عمق انتمائهم لوطنهم من خلال الاحتفاء بيوم العلم ورفعه على الوزارات والمؤسسات في وقت واحد دلالة على توحيد القلوب واجتماع السواعد حول هذه الراية التي ستظل عالية عزيزة، ورمزاً لوحدة القلوب والتراب بعون الله.

«رمز الدولة والسيادة والوحدة للخمسين الماضية سيبقى معنا للخمسين القادمة ليرسّخ الانتماء والولاء والمحبة لتراب الإمارات»، وبهذه الألفاظ المختارة بعنايةٍ وانتقاءٍ مدروسَيْن ختم صاحب السموّ هذه التغريدة الوطنية الجليلة ليؤكّد على فخامة شأن هذه المناسبة ودلالتها على الوحدة الوطنية الراسخة التي كانت هي جوهر الخمسين عاماً الماضية من عمر الدولة، حيث شهدت الإمارات في ظل هذه الوحدة واحدة من أعظم الانطلاقات الحضارية في تاريخ الشعوب، وحققت من الإنجازات ما يشهد لها بعراقة الرؤية وقوة العزيمة وسداد المسيرة، وستكون المرحلة التالية من الخمسين القادمة على نفس الطريق، وتحت ذات العلَم الذي وحّد قلوب أبناء الوطن، وسيظل قادراً على توحيد قلوبهم وجمع سواعدهم كي تظل عزيزة الجانب، راسخة المكانة، عميقة التجذر في قلب كل مواطن أصيل يشعر بعمق الانتماء لهذا التراب الوطني الطهور، ولتظل أمانة زايد وراشد في أرفع مكان، وأعزّ موضع، ولتصدح الحناجر كلها مع صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد وهو يترنم بعزّة هذا العلم، ويجمع القلوب على محبته حين يقول:

صفِّنا واحدْ أبدْ ما جَتْه هنّهْ

من سنة سبعين ما حدْ زعزعهْ

والعلَمْ الأرواح في الشدّه فدَنّهْ

رمزنا الخالدْ ومجده نصنعه

إرفعوه وحيُّوا قلوبٍ حمنِّهْ

وكِلّنا في وقت واحد نرفَعَهْ

حماك الله يا وطني الأعزّ، والسلام على ثراك الطيب الأصيل، وعلى فرسانك الذين منحوك الحب والوفاء وصادق الودّ والانتماء.

 

Email