«إيموجي» مبتسم جداً

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس هناك ما هو أفضل من فكرة مبتكرة وخطوة متميزة تؤديان إلى عمل وإنجاز مستدامين. وحين انطلقت منظومة «التميز الحكومي» شديدة الابتكار بالغة الذكاء عميقة الفائدة قبل خمس سنوات، انطلقت معها أمنيات كثيرة وأحلام عريضة لتعميم المنظومة وتوسيع قاعدة تنفيذها. ولم لا، وهي المنظومة الأولى من نوعها في العالم؟! صٌممت ليتم تمكين المؤسسات الحكومية من تحقيق السعادة للمواطنين. وسعادة المواطن تبدأ من تحقيق متطلباتهم وتفعيل توقعاتهم في الحصول على خدمات حكومية لا نقول جيدة المستوى، بل نقول رائعة المستوى. لذلك فإن صفات مثل الكفاءة والفعالية والتنافسية والابتكار والريادة تكون وثيقة الصلة بالأداء. وكلما زادت هذه الصفات وتمكنت، كلما قدم موظفو القطاع الحكومي خدمة متميزة ومبدعة للمواطنين. وكلما حصل المواطنون على هذه النوعية من الخدمات، كلما زادت سعادتهم وهنأت حياتهم.

حياة المواطنين والمقيمين في الإمارات تشهد تغيرات إيجابية منذ عقود ترفع شعار «التميز». وجانب كبير من هذه التغيرات يعود إلى جهود دولة الإمارات المستمرة والمبتكرة لتحسين ورفع مستوى المنتج الخدمي المقدم لهم، وهي الجهود التي يمكن وصفها بـ«مسيرة التميز». بدأت المسيرة في عام 1994 بإطلاق «جائزة دبي للجودة» للقطاع الخاص. ثم تواترت خطوات المسيرة لتتحول إلى أساس للارتقاء في العمل الحكومي. وتكللت بـ«برنامج الشيخ خليفة للتميز الحكومي» في عام 2009 ومنظومة التميز الحكومي في عام 2016.

هذه المنظومة كانت وتظل محط أنظار أمم شتى حول العالم. فهي أشبه بخطة عمل لكل حكومة جادة في تحسين الخدمات وراغبة في تجويد الأداء ومستعدة لقياس مدى رضا المواطن عن منتجها. ولأنها منظومة مستمرة ومستدامة من تدريب لمقدمي الخدمات ومتابعة لأدائهم وتقييم وتقويم ثم تكليل بالثناء والاعتراف والاحتفاء، فقد تحولت إلى عنوان للتميز والإبداع والتطور على مدار السنوات.

وتعدت المنظومة حدود الإمارات، وساورت كثيرين أمنيات بأن تسير بلدانهم على النهج نفسه، وتنتهج المسار ذاته. وتحققت الأمنية في مصر التي شهدت قبل أيام فعاليات الدورة الثانية لـ«جائزة مصر للتميز الحكومي». حفل رائع وثق فكرة رائعة وترجمة أروع لما يمكن أن يسفر عنه التعاون العربي لصالح المواطن العربي. ولأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يسعى بكل ما أوتي من قوة لتحقيق استراتيجية التنمية المستدامة «رؤية مصر 2030»، ولأن التعاون بين مصر والإمارات هو تعاون الأخوة القائم على مصلحة واحدة تجمعهما، ألا وهي مصلحة البلدين ومصلحة مواطني البلدين، فقد تعاونا من أجل تعميم منظومة التميز الحكومي المتفردة.

الأداء الحكومي في مصر لطالما عانى آثاراً جانبية قاتلة جراء التضخم دون تحديث والاستمرار دون تطوير. وجاءت مجريات السنوات القليلة الماضية لتثبت أنه لا سبيل لتحقيق الرؤى التنموية إلا عبر جهاز إداري متناغم وروح العصر ومتوافق ومتطلبات المواطن الذي عانى الأمرين من ترهلات إدارية. لذلك جاء انتهاج مصر منظومة «التميز الحكومي» مستندة إلى تجربة الإمارات المتميزة والناجحة في هذا الشأن تجسيداً للشراكة العربية الحقيقية وتفعيلاً لرغبة وإرادة لتحفيز التنافس والتميز الحكوميين لتحفيز الجميع بغرض الارتقاء بالأداء والالتزام بمعايير الجودة والتميز. هذه الأجواء بالغة الإيجابية حققت غايات بالغة الأهمية في مصر. فبالإضافة إلى تكريم الموظفين المتميزين معنوياً ومادياً، وهو ما يرسخ قيم العطاء والانتماء والتميز، فهي تحفز الآخرين لانتهاج النهج ذاته. كما إنها تعيد الثقة بين المواطن والحكومة، وهي الثقة التي تعرضت لهزات عنيفة على مر عقود بسبب ترهل الأداء حيناً وتركه دون تقويم وتقييم أحياناً. الدورة الثانية لـ«جائزة التميز الحكومي» في مصر أعادت لملايين المصريين الثقة في جهازهم الإداري ومقدمي الخدمات الحكومية بعد عقود من الجمود والتيبس.

ويهمس البعض بأن «حكاية التميز الحكومي جربوها في الإمارات ونفعت». بمعنى آخر، المنظومة ليست حبراً على ورق. هي معايير ومقاييس وتدريب وتقييم واختيار بناء على أداء. وهي أثبتت قدرتها على رفع معدلات سعادة المواطن والمقيم في الإمارات بتحسين الأداء الحكومي. تمت تجربتها وأثبتت فاعليتها وحققت نتائج رائدة هناك، إذن هي قادرة على صناعة نموذج نجاح مماثل هنا. المصريون يقولون إن مسألة سعادة المواطنين لم تعد مزحة يسخرون منها أو أملاً يعرفون أنه بعيد عنهم. ورغم أن «جائزة التميز الحكومي» مازالت في أول طريقها في مصر، إلا أن تعليقات المصريين عليها تكشف قبولاً للفكرة ودعماً للنتيجة المرجوة. هيئات وقطاعات حكومية عدة في مصر أصبحت تقدم خدماتها في أجواء «صديقة للمواطن». تحديث طريقة الأداء وتحسين بيئة العمل والرقمنة وتدريب الكوادر البشرية والرقابة والمتابعة والتقييم والتقويم وتثمين دور المبدع جميعها يمهد الطريق نحو مواطن يقيم الأداء الحكومي بـ«إيموجي» مبتسم جداً.

* كاتبة صحافية مصرية

Email