مولد المصطفى .. ذكرى وبُشرى

ت + ت - الحجم الطبيعي

بقلوبٍ مُفعمة بالحبّ والشوق يترقّب المسلمون في شتّى بِقاع الأرض وفي كلّ عام هجري هلال شهر ربيع الأول، وتزداد لهفتهم للثاني عشر من هذا الشهر الأزهر الأنور.

حيث يوافق مولد سيد البشر وصفوة الله تعالى من الخلق، نبيّنا وحبيبنا وشفيعنا وسيّدنا محمّد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، لكي يُعبِّروا عن أعمق مشاعر الحب والولاء والاقتداء والافتداء لهذا النبيّ الكريم الذي أثنى عليه الله أعظم الثناء حين وصفه بقوله: {وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم}.

ولقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة ومنذ نشأتها الزاهرة حريصة أشد الحرص على الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف، وكان للمؤسس الباني طيب الذكرى المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، طيب الله ثراه، الأثر الحميد في ترسيخ هذا التقليد الديني داخل مؤسسات الدولة.

وكان رحمه الله يرعى شخصياً الاحتفالات الخاصة بهذه المناسبة الشريفة الغالية على قلب كل مسلم، وظل ذلك أمراً مقرّراً من بعده، حيث يحرص ولاة الأمر في بلدنا الطيب على الحفاوة الخاصة بهذه الذكرى العاطرة تعبيراً عن المحبة الصادقة للجناب النبوي الشريف الذي هو معقد فخرنا، ونور قلوبنا، ونحن حين نحتفي بذكرى مولده فإنما نعبّر ومن خلال الوعي التام عن ولائنا لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونؤكد من خلال هذه الاحتفالات عمق محبتنا له محبة صادرة عن قلوب واعية ونفوس صافية وليس من باب التقليد، بل هو موقف راسخ نتقرب به إلى الله تعالى من خلال تعبيرنا عن حبنا الصادق لفخر الوجود سيدنا وهادينا صلى الله عليه وسلم.

وتعبيراً عن هذه المحبة الراسخة في قلوب قادة الوطن وأبنائه لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، نشر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، تدوينة عابقة بعطر المحبة في هذه المناسبة الشريفة تقدم فيها بخالص التهنئة للأمة الإسلامية قاطبة بهذه الذكرى الطيبة الفوّاحة بعطر النبوة، وعلى الرغم من حجم التدوينة المقتصد إلا أنها حافلة بالمعاني العظيمة والإشارات الجليلة الدالة على مكانة شأن المصطفى صلّى الله عليه وسلّم في قلب صاحب السموّ ووجدانه الطيب الأصيل.

«نُهنّئ الأمة الإسلامية في ذكرى مولد خير البشر، البشير النذير، والسراج المنير»، حيث يستلهم صاحب السموّ في مطلع هذه التدوينة الميمونة الحقائق الكبرى في شخصية المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهو القائل: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر»، وهو المبعوث بالبشارة والنذارة كما تكرّر ذكره كثيراً في القرآن الكريم، فهو المبشّر بكل خير، والناشر للنور في القلب الإنساني.

والواعد بأحسن الجزاء على عمل الصالحات، وهو المنذر المُحذّر من عمل السيئات، الباذل مهجته في سبيل إنقاذ الإنسان من لظى النيران وجحيم الحسرات، وهو السراج الذي أضاء هذا الكون بتعاليمه المستمدة من نور القرآن الكريم، فكانت ولادته رحمة للعالمين، إذْ على ولادته ترتّب كل خير جاء به هذا النبي الكريم لأمته وللناس أجمعين.

«دعوة إبراهيم، وبُشرى عيسى عليهم السلام، وخاتم المرسلين، ورحمة الله للعالمين»، وهذا المقطع الجليل من هذه التدوينة يستلهمه صاحب السموّ من الحديث المشهور الذي رواه أحمد وابن حِبّان وغيرهما من حديث العِرباض بن سارية رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني عند الله مكتوب بخاتم النبيين، وإنّ آدم لمُنجدلٌ في طينته، وسأخبركم بأول ذلك: دعوة أبي إبراهيم.

وبِشارة عيسى، ورؤيا أُمّي التي رأتْ حين وضعتني، وقد خرج لها نورٌ أضاء لها منه قصور الشام»، وكلتاهما «الدعوة والبشارة» مذكورتان في القرآن الكريم، قال الله تعالى على لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: {ربّنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلّمهم الكتاب والحكمة ويزكّيهم}، وقال على لسان عيسى ابن مريم عليهما السلام: {ومُبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ورحمة الله للعالمين.

كما نشر صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيّان، وليّ عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تدوينة ثمينة بهذه الذكرى العطرة عبّر فيها عن حفاوته الخاصة بهذه الذكرى، حيث دعا إلى استلهام سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ودعا إلى الاقتداء بأخلاقه العظيمة صلّى الله عليه وسلّم، التي أثنى عليه بها خالقه سبحانه وتعالى، مع الحرص على العمل بجوهر رسالته السمحة التي تحثّ على الرحمة والمحبة والبناء والخير، داعياً المولى سبحانه أن يعمّ السلام والأمان شعوب العالم كلها، لأن جوهر الأديان لا يسمح بمثل هذه الخصومات التي يفتعلها الإنسان ويلصقها ظلماً وزوراً بالدين الذي أنزله الله تعالى رحمة للناس، وسبيلاً للتعارف وعمارة الأرض واستعمال التعاليم.

فيما يعود بالنفع على جميع شعوبها، وينشر السكينة والاستقرار بين ربوعها، لتظل دولة الإمارات متصلة الإرث بهذا النبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم، الذي كان مولده بُشرى خير للبشرية جمعاء، وسيظل مولده أيضاً ذكرى خير وبركة يهتدي بها السائرون في طريق الحق والهدى والنور.

Email