فرصة بايدن لوضع بصمته على «الاحتياطي الفيدرالي»

ت + ت - الحجم الطبيعي

ثمة منافسة مشتعلة حالياً بين قطبين من الشخصيات المؤثرة، لكنها لا تعمل لدى الحكومة في واشنطن، ويتمثل القطب الأول في زُمرة من المُدافعين عن مصالح الشركات والمُحامين المتجمعين حول منطقة «كيه ستريت» المعروفة في واشنطن بكونها مركزاً للعديد من جماعات الضغط وكُتَل التأييد والمُنَاصَرَة المتنوعة، أما القطب الثاني فيتكون من بعض المؤسسات، التي يغلب عليها الفكر التقدمي، والتي تتشكل في بعض التجمعات حول حي «دوبونت سيركل» الشعبي التاريخي الصاخب الشهير في واشنطن.

ويُعد الصراع بين القطبين على مشروع القانون، الذي يرغب الرئيس الأمريكي جو بايدن بتمريره في الكونغرس بشأن البنية التحتية والضمان الاجتماعي هو المادة الخام الرئيسية لهذه المنافسة، ولكن على الرغم من ذلك، فهناك دراما تنافسية أخرى تدور أحداثها حالياً في واشنطن أيضاً، ولكنها هذه المرة ذات طابع أكثر شخصنة، وإذا كان الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قد نجح قبل مُغادرة البيت الأبيض بنحو عام في وضع بصمته اليمينية، التي من الممكن أن تستمر لعقود عدة على المحكمة الدستورية الأمريكية بفضل الحظ، وسنوات من الإعداد والتحضير من جانب الآلة التشريعية المُحافظة، فإن انتهاء فترات الخدمة والاستقالات قد أتاحت بالمثل لخليفته، بايدن، فرصة لتأسيس كتلة قوية من محافظي البنك المركزي «الاحتياطي الفيدرالي» الأمريكي.

يُراهن المُضاربون السياسيون على اتخاذ بايدن لقرار بإعادة تعيين جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في منصبه، بعد انتهاء مدة خدمته رسمياً في فبراير المُقبل. وعلى الرغم من كون باول ينتمي إلى الحزب الجمهوري، إلا أنه نجح في الاحتفاظ بعلاقات طيبة نوعاً ما مع بايدن والديمقراطيين.

ومن شأن إعادة تعيين باول أن تكون مُفيدة في طمأنة المستثمرين القلقين من ارتفاع التضخم، وعدم وضوح الرؤية بشأن الميزانية، وفضائح تداول الأسهم بين مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أنفسهم، والتي كُشِف عنها النقاب أخيراً، وتمخضت عن استقالة اثنين من رؤساء المجلس، حتى الآن، ولكن على الرغم من ذلك، فلن يكون الجميع سعداء بإعادة تعيين باول، فعلى سبيل المثال، يشعر بعض أعضاء الكونغرس من أصحاب النفوذ والمعروفين بتوجهاتهم التقدمية داخل الحزب الديمقراطي، وفي مقدمتهم إليزابيث وارين وشيرود براون، بالغضب من باول، وذلك بسبب الفضائح المُشار إليها أعلاه، وأيضاً بسبب القلق مما يعتبرونه رفعاً للقيود المُنظمة لقطاع المصارف والأوراق المالية من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

ويميل هؤلاء التقدميون داخل الحزب الديمقراطي إلى تعيين لايل برينارد، وهي تقدمية مثلهم، كنائبة لرئيس لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لشؤون الإشراف، وقد عُينَت برينارد في الاحتياطي الفيدرالي منذ عام 2014.

وبرغم أن الرهان بين المُضاربين لا يزال على إعادة تعيين باول في منصبه، إلا أن الاستقالتين المُشار إليهما أعلاه، فضلاً عن قرب انتهاء فترات الخدمة الرسمية لعدد آخر من أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي، تمنح زخماً متزايداً لاحتمال تعيين برينارد في منصب نائب رئيس المجلس، وهو المنصب شديد الأهمية الذي بات شاغراً يوم الأربعاء الماضي بعد تقاعد راندال كواريلز.

وسواء اتخذ بايدن قراره بتعيين برينارد في منصب نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي لشؤون الإشراف، أم اختار غيرها من التقدميين من بين كوادر الحزب الديمقراطي، فإننا أمام حقيقتين مؤكدتين، الأولى هي أن بايدن يمتلك الآن فرصة ذهبية لوضع بصمة تاريخية له وللحزب الديمقراطي على مجلس الاحتياطي الفيدرالي إذا ملأ المقاعد الشاغرة في المجلس نتيجة الاستقالات والتقاعد بكوادر الحزب، أما الحقيقة الثانية فهي أن الفكر التقدمي يكتسب زخماً متزايداً داخل الحزب، ويبدو أن أنصاره يعتزمون وقادرون على الاضطلاع بدور أكبر، سواء في الحزب أو في السياسة الأمريكية بصفة عامة.

ترجمة بتصرف: سيد صالح

 

Email