الفنّ في الأماكن العامة.. مرآة لهوية المجتمع

ت + ت - الحجم الطبيعي

ولد الفنّ العام وترعرع عبر العصور انطلاقاً من الحاجة الأصيلة المترسخة داخل كل فرد منّا، فالفنّ يخلق توازناً روحياً مع حياتنا المادية، ويجعلنا أكثر رقيّاً، فهو ذلك الجزء الخفي من إنسانيتنا الذي يدفعنا بشكل تلقائي إلى جعل فضاء الأماكن حولنا مميّزاً وينطق جمالاً. وبالتالي بات الفنّ صاحب دور جوهري في منح البيئة الحضرية التي تحتضنه هويتها الخاصة ومكانتها الثقافية، تاركاً في الوقت نفسه أثراً على الحياة الاجتماعية والاقتصادية فيها.

إنّ مفهوم الفنّ في الأماكن العامة شهد مراحل متعددة منذ القدم؛ حتى أمسى في عصرنا الحديث غير مقتصر على المنحوتات والمجسمات التذكارية، بل أصبح يتشكّل في نماذج وقوالب مختلفة من الفنون تضم فن الأرض والفن البيئي والغرافيتي التي أخذت تنتشر أكثر فأكثر في شوارع المدن وساحاتها، وأصبحت مصدراً لتجميلها والارتقاء بالذوق الفنّي وتكريس روح الابتكار الثقافي. وما يميز هذا الفن هو أنه مخصص للفضاء العام حيث تكون الأعمال الإبداعية متاحة للجميع وجزءاً من حياتهم اليومية وتعبر عن ثقافتهم المحلية.

ومن هذا المنطلق تكمن أهمية الفن في الأماكن العامة في إرساء بيئة ثقافية مزدهرة داخل المدينة تقوّي أواصر الارتباط بين أفراد المجتمع، وترتقي بوعيهم حول القضايا ذات الاهتمام العام، وتسهم في تعزيز بيئة اقتصادية واجتماعية صحية. لذا، فإن أي نهج شامل وناجح للتخطيط الحضري في المدن لابدّ وأن يتضمن مساحة للثقافة والفن.

إننا ندرك في هيئة الثقافة والفنون ضرورة الاهتمام بالفن في الأماكن العامة وتطويره، ونسعى إلى رفع جودة الحياة في دبي، ونعمل على الارتقاء بالذوق الفني العام وتكريس روح الابتكار الثقافي وتنمية المواهب المبدعة.

غراس الفن في الأماكن العامة موجودة في دبي، وأثمرت مجموعة رائعة من المنحوتات الكبيرة التي تستلهم من بيئتها وطبيعتها وثقافتها ومجتمعها المحلي، كمنحوتة «الحصان الأندلسي» وسط دبي، وتمثال «السدرة»، إضافة إلى العديد من الجداريات المبدعة.

* مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي

Email