سكنٌ كريمٌ لإنسان كريم

ت + ت - الحجم الطبيعي

هذه بشارة مبكّرة من بشارات الخمسين القادمة من عمر الوطن، اختارها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، لإدخال السعادة إلى قلوب أبناء إمارة دبيّ من خلال الإعلان عن قرار الحكومة تقديم حزمة ضخمة من الخدمات الإسكانية تتمثل في تخصيص خمسة وستين مليار درهم للعشرين سنة القادمة لتنفيذ رؤية صاحب السموّ في توفير السكن الكريم لإنسان الوطن الكريم برعاية مباشرة من قائد الوطن الكريم.

ذلك الفارس المفطور على حب الخير، والرغبة الصادقة في توفير أفضل ظروف العيش الكريم لشعبه الذي يجاهر صاحب السمو بأنّ أعظم أمانيه هي أنْ يرى شعبه سعيداً، ويختصر مهمة الحكومة مهما كان شكلها في تحقيق أفضل الخدمات للشعب بما يضمن تحقيق السعادة الصادقة والعيش الهانئ السعيد لأبناء هذه الإمارة السعيدة بفارسها وأبنائها.

وهو إعلان قد تم اختيار توقيته بعناية ملحوظة حيث جاء في أجواء الفرح والنشاط التي تدبّ في حياة دبي وهي تستعد لاستقبال أعظم حدثٍ في تاريخها، معرض إكسبو 2020 الذي جاء تتويجاً لسعيها الدؤوب في تحقيق حضور عالمي متفرد يشهد لها بالكفاءة الحضارية، وامتلاكها لبنية متكاملة تؤهلها لاستيعاب مثل هذا الحدث العالمي ضمن استعدادات ضخمة ونوعيّة قادرة على الإدهاش فضلاً عن الجاذبية والاستقطاب، لتكون دبي في مطلع الشهر القادم المدينة التي تختصر العالم كله في مكان واحد هو لؤلؤة الخليج، ودانة الدنيا (دبيّ).

وإذا كانت الشريعة السمحة التي جاءت بمصالح الإنسان قد اعتبرت الضرورات الخمس في الدين والعقل والنفس والنسب والمال، واستقرّ هذا التصور الحميد لهذه الضرورات في الثقافة ردحاً طويلاً من الزمن، فإنّ بعض الفقهاء المعاصرين يكاد يُلحق السكن بالضرورات نظراً لما يترتب عليه من الآثار الإيجابية في حياة الإنسان، وما ينشأ عن فقدانه من الآثار السلبية، فهو يكاد يكون ضرورة من الضرورات التي لا تستقر النفس الإنسانية إلا بتحقيقها، فالسكن هو ملاذ الإنسان الآمن الذي يجد فيه خصوصيته، ويستشعر الإحساس بالأمان تحت سقفه، ويمارس حياته الخاصة مع أفراد أسرته.

ولا يكاد يعرف قيمة السكن إلا مَنْ فقد هذه النعمة التي امتنّ الله بها على خلقه، ومن هنا كان هذا الهاجس من الهواجس الكبرى لقادة هذا الوطن من لدن الباني الأول المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، طيب الله ثراه، الذي كان شديد الاهتمام بتحقيق الطمأنينة لأبناء شعبه من خلال توفير السكن الكريم لهم، وها هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الحريص على إحياء مآثر الرواد الأوائل يواصل السير في طريق الكرام، ويزفّ إلى شعبه هذه البشرى التي تسعد قلوبهم، وتعمرها بالسكينة والطمأنينة من خلال مبادرة مشاريع الخمسين التي جاءت في هذا التوقيت الزاهر بالنشاط والحيوية والألق.

في هذا السياق من الاهتمام بالوطن وأبنائه كتب صاحب السمو تدوينة على حسابيه في «تويتر» و«انستغرام» أعلن فيها اعتماد الحكومة برنامج إسكان المواطنين في دبي حيث جاءت عباراته مُعطّرة بعطر النشوة والبهجة وهو يطلّ على أبناء شعبه إطلالة فارس لا يخذل قومه ليقول لهم:

«اعتمدنا اليوم برنامج إسكان المواطنين في دبي حيث خصّصنا ميزانية بقيمة 65 مليار درهم للعشرين عاماً القادمة، ووجّهنا بمضاعفة أعداد المستفيدين من برنامج الإسكان 4 أضعاف فوراً، وخصصنا أراضي جديدة تكفي لسكن المواطنين لعشرين عاماً قادمة»، ثم يتابع صاحب السمو قائلاً: «واعتمدنا سياسة إسكانية متكاملة سأشرف عليها بنفسي وسيتابع خططها حمدان ومكتوم».

وإذا كانت طبيعة هذا الإعلان الرقمية لا تسمح بقراءته قراءة تفصيلية فإن المغزى العميق الذي ينطوي عليه هو الدلالة على مدى اهتمام صاحب السمو بأبناء وطنه، وتلمسّه لحاجاتهم الأساسية التي لا يطيب العيش بفقدانها وفي طليعتها السكن الكريم الذي يحفظ كرامة الإنسان ويصون وجهه عن الابتذال، وهذا الاهتمام من لدن صاحب السمو بأبناء شعبه ليس بالجديد ولا بالغريب فهو القائد الذي يقول بصوت مرتفع: «نحن نسعى لإسعاد الناس.

وسيظل إسعاد الناس غاية وهدفاً وبرامج عمل حتى يترسّخ واقعاً دائماً ومستمراً»، وهي كلمات معدودات قد اختارها صاحب السمو بعناية فائقة تعكس عمق إيمانه بها، وشدة تصميمه على تنفيذها، ولم يكتف بمجرد إصدار الأوامر بل يعلن بكل ثقة وحزم وجزم أنه سيشرف هو شخصياً على تنفيذ هذا القرار، وسيكون نجلاه وساعداه سموّ الشيخين حمدان ومكتوم هما العضد الذي يتولى متابعة تنفيذ رؤى صاحب السمو وتجسيدها واقعاً ملموساً في حياة الناس.

ثم كانت هذه الخاتمة الرائعة لهذه التدوينة الثمينة والتي تنطوي على إحساس أخلاقي عميق بالمحبة والمسؤولية تجاه أبناء الوطن حين قال صاحب السمو: «السكن الكريم كرامة وحقّ للجميع، ومواطنونا أولاً وثانياً وثالثاً، والحياة الكريمة لأبناء الوطن هي الأولوية الأولى لعمل الحكومة»، لتكون هذه الخاتمة هي خير تعبير عن عمق التلاحم بين القائد وأبناء الوطن الذين يضعهم في سويداء قلبه، ويجعل هذه المشاريع حقاً مكتسباً لهم تقوم به الحكومة تأدية لأمانة الواجب المنوط بها، ولتظل كرامة المواطن فوق كل اعتبار وفي طليعة كل تفكير.

فالمواطنون هم الهمّ الأول والثاني والثالث وإلى ما لا نهاية على أجندة صاحب السمو، ولتظل الحكومة ساهرة العين على تنفيذ هذه الرؤى التي تحمل بصمة القائد الإنسان قبل أية بصمة أخرى، وليظلّ صاحب السموّ صمام الأمان والضمير الحي الذي ينير الطريق، ويسلّم المصباح للأيادي القوية ويحدو الركب بقصيده العذب الجميل، ويحمي المسيرة بسيفه العضب الصقيل، فعلى وجهه الطيب كل محبة وسلام، وطوبى لدبي وأبناء دبيّ بهذا الوارث النبيل لأمجاد القادة الفرسان الذين غادروا الدنيا وهم يوصون الفرسان القادمين بإنسان هذه الديار وكرامته التي هي فوق كل اعتبار.

Email