على خُطى فارس دبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بحروف مكتوبة بمِداد الإخاء، وكلمات فيّاضة بعطر الصفاء، كتب سموّ الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبيّ، على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي تدوينة رائعة المحتوى في حقّ شقيقه وعضيده سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، وليّ عهد دبيّ، رئيس المجلس التنفيذي، قصّ فيها بعضاً من سيرته العاطرة في النهوض بمدينة دبيّ مترسّماً خطى والده شيخ الشيوخ صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، الذي تحمّل أمانة هذه المدينة، ليسير على درب والده المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، القائد الذي ترك بصمة خالدة في بناء هذه المدينة ونهضتها، وفتح الآفاق الواسعة أمام القادة الذين سيحملون عبء الحفاظ على مسيرتها، فهو المؤسس.

وهو الباني الجسور الذي علّم وارث مجده صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد أن دبيّ وُجِدتْ لتبقى وتمتدّ وتتألق وتلتمع في الزمان مثل لؤلؤة ثمينة برّاقة، فحمل بو راشد هذا العبء الكبير واستقلّ به، ونهض نهضة الفرسان، وصارت دبيّ مركز استقطاب ووجهة فريدة تضجّ بالنشاط والحيوية، وتحتفي بالفروسية بمعناها الشامل، وتستضيف العالم كله بكل ترحاب وإكرام وامتنان.

وإشادة الشقيق بشقيقه هي في جوهرها تعبيرٌ عن موقف أخلاقي يؤكّد عمق التلاحم ومتانة الثقة والمحبة بين رجال الدولة، وهذا ملمحٌ من أهم ملامح الحكم المتماسك، حيث يؤدي ذلك إلى شيوع روح المحبة والتعاضد بين أبناء الوطن الواحد الذين ينظرون إلى هذه العلاقات الطيبة بين رجال الحكم بعين المحبة والرضا والاقتداء، ونحن في هذا الوطن الكبير بحمد الله ننعم بهذا النمط الفريد من المحبة الصافية بين رجال الدولة، وهي سُنّة سنّها الشيخ المؤسس والباني الأكبر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وظلّت إرثاً يتوارثه رجال الدولة بكل فخر وتقدير واعتزاز.

وفي مادة تجمع بين الفكرة والصورة، تمّ عرض هذه التدوينة التي تشيد بالجهود الكبيرة لسموّ الشيخ حمدان الذي يسير بكل ثقة واقتدار على خطى والده ويعمل بكل جهد لتنفيذ رؤيته الواسعة لمستقبل دبي، وهو ما أكده سموّ الشيخ مكتوم بقوله: «15 عاماً منذ توليه رئاسة المجلس التنفيذي بدبيّ عمل على تحقيق رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لتعزيز ريادة دبيّ في كافة المجالات»، وهذه مهمة ضخمة ينوءُ بحملها العصبة أولو القوة من الرجال، فإن صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد هو فيلسوف الرؤية بين رجال السياسة في العالم العربي، وكتابه الفريد «رؤيتي:

التحديات في سباق التميز» هو من الأدبيات المتفردة في هذا المجال، حيث بسط فيه القول في فلسفة الرؤية وكونها هي الأساس الذي ينبثق عنه جميع مراحل العمل التنفيذية، فمن لا رؤية له فلا ثقة بعمله، ولولا وضوح الرؤية في مسيرة التنمية لدبي لما كان هذا الإنجاز المدهش لهذه المدينة اللامعة، فكانت تلك المسيرة لسموّ الشيخ حمدان ذات هدف واضح، وخطة مُحكمة تعمل بكلّ قوة لتعزيز مكانة دبيّ الريادية، وضمان تفوقها النوعي في جميع مسارات التنمية والإبداع، وهذا مما لا يحتاج إلى إثبات، فالواقع يتحدث عنه بكل فخر واعتزاز.

«ارتقى بالطموح، وقاد العمل، وصنع الإنجاز»، فعلى هذه الأركان الثلاثة من السعي تحققت الأهداف التي أثمرت الارتقاء بالطموح، لأنّ مهمة القائد عدم الركون إلى مستوى محدد من الطموح لا يمكن تجاوزه، بل مهمته دائماً الارتقاء بطموحات فريق العمل الذي يقوده بكل ثقة وكفاءة وعزيمة بهدف صنع الإنجاز، لأنّ لكل مسيرة غايات تتغيّاها، وهي صنع إنجاز يليق بالوطن، فالعمل بدون إنجاز لا يعدو كونه حرثاً في البحر، والمقياس الأوحد لصحة المسيرة هو ضخامة الإنجازات وتفردها، وترسيخ نموذج التقدم في مسيرة الدولة والإنسان.

«أرسى بقيادته مفاهيم العمل الميداني، ومعنى الإصرار على مجابهة التحديات، وضرورة تسخير الجهود لإسعاد الناس»، وهذا الإرث الكبير في العمل هو من ثمرات النظر الصائب لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد الذي يعشق العمل الميداني، ويحثّ الحكومة على ممارسته، ولا يرضى لوزرائه دوام الجلوس في المكاتب الوثيرة.

بل لا بدّ من الانخراط في الميدان، لأنّ النزول إلى الميدان هو الذي يكشف عن حجم التحديات، وحين تظهر التحديات تظهر معها قوة الإرادة لمجابهتها، ولا يوجد حديث لصاحب السموّ إلا وهو يربط دائماً بين العمل والتحدي، بحيث أصبحت فكرة التحدي هي المحرك الفاعل في الإنجاز، وسموّ الشيخ حمدان بحكم قربه من والده صاحب السموّ قد عشق هذه الخصلة:

خصلة ترويض الصعب وتجاوز التحدي في جميع مسارات العمل، لتكون ثمرة ذلك كله هي تسخير جميع الجهود لتصبّ في خدمة أبناء الوطن الذين يستحقون كل تقدير واحترام، والذين أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حقّهم في السعادة حين قال في كتابه الشهير «تأملات في السعادة والإيجابية»:

«نعم نحن نسعى لإسعاد الناس، وسيظل إسعاد الناس غاية وهدفاً وبرامج عمل حتى يترسّخ واقعاً دائماً ومستمراً»، لتكون هذه الكلمات مصدر إلهام لنجله سموّ الشيخ حمدان الذي يحمل وسام الثقة من لدن صاحب السمو، ويقدم كل يوم الدليل تلو الدليل على أنه أهلٌ لهذه الثقة الغالية التي ظفر بها من قائد جسور، وفارس مقدام عميق النظرة بالرجال، الذي قال ذات يوم في لحظة فخر بولده سموّ الشيخ حمدان: «وتراها نظرة الوالد ما تخيب».

بقلم: أ. د. محمّد عبدالرّحيم سلطان العلماء

Email