إشراقةُ الخمسين القادمة؛ والدور المنتظر للمرأة الإماراتية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بحفاوة قلبية وأخلاقية نادرة، وفي ظلال الاحتفال بيوم المرأة الإماراتية الذي يصادف الثامن والعشرين من شهر أغسطس من كل عام، نشر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، وعلى غير واحدة من منصات التواصل الاجتماعي التابعة لسموّه عدداً من التغريدات والتدوينات التي تعبر عن سعادته الصادقة بهذا اليوم الأغرّ في تاريخ الإمارات، هذه الدولة التي نهضت على الجهود المشتركة بين أبناء الوطن وبناته منذ لحظة التأسيس الأولى التي أطلق فيها الشيخ المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان رحمه الله جميع الطاقات، وفتح المجال واسعاً أمام الجميع من دون تحيّز أو تمييز بحيث يكون الإنجاز المتميّز هو الدليل الذي يعبر به الإنسان الإماراتي عن صدق انتمائه لهذا الوطن الحبيب.

في واحدة من أجمل التغريدات التي نشرها صاحب السموّ على حسابه في تويتر، ثم أعاد نشرها على حسابه في تك توك، أكّد صاحب السموّ عمق الثقة بالمرأة الإماراتية التي أثبتت خلال الخمسين عاماً الماضية أنها جديرة بكل المسؤوليات التي تشرفت بحملها، وأنها كانت الشريك الفاعل والسند القوي والعون الحقيقي للرجل في قصة بناء الوطن، وأنها ستكون أكثر إشراقاً وطموحاً في السنوات الخمسين القادمة من عمر الدولة الميمون، ولكنّه قبل أن يتوجه بالحديث إلى المرأة الإماراتية بشكل عام، توجّه بأسمى آيات التقدير والتوقير والاحترام إلى «أمّ الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الله التي كانت عبر العقود السابقة هي خير مُعين لباني الدولة ومؤسس نهضتها الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله، ثم كتب التغريدة التالية التي تلخص رؤية صاحب السموّ لطبيعة المرحلة السابقة حيث قال: «في يوم المرأة الإماراتية نُهنّئ أمّ الإمارات الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الله على جهودها عبر عقود، ونُهنّئ بنات الإمارات بالإنجازات التي حققوها واللبنات التي شيّدوها. ونهنّئ شعب الإمارات بمجتمع أكثر استقراراً وتماسكاً وتلاحماً ندخل به الخمسين القادمة».

بعد هذه الكلمات الفيّاضة بالتقدير للمرأة الإماراتية، تمّ تصميم مادة في غاية الروعة تشتمل على كلمات مُضيئة لصاحب السموّ في هذه المناسبة السعيدة مصحوبة بمجموعة من الصور التي تحكي قصة نجاح المرأة الإماراتية تحت رعاية الدولة ودعمها وتشجيعها، وتلوح من خلالها ملامح الثقة بالنفس والألق الواثق بشخصية المرأة الإماراتية حيث جاءت الكلمات موزّعة على المسيرة السابقة التي أسهمت فيها المرأة بكل كفاءة واقتدار في بناء الوطن وتشييد مؤسساته، إذْ خاطب صاحب السموّ المرأة الإماراتية بنبرة ملؤها الفخر بالماضي، والثقة بالمستقبل حيث قال: «خلال مسيرة الخمسين عاماً السابقة كنتِ سنداً وعوناً وشريكاً، واليومَ أنتِ طموحُ وإشراقةُ الخمسين القادمة، رائدة في كل المجالات، مُنجزة مُشرّفة لوطنك»؛ ففي هذه الإطلالة يلخّص صاحب السموّ طبيعة الدور الريادي الذي أسهمت المرأة الإماراتية من خلاله في مسيرة الدولة السابقة حيث كانت عوناً وسنداً وشريكاً، عوناً للرجل في تنفيذ المهام الكبرى، وسنداً لا يخذل في شحذ العزائم، وشريكاً على قدم المساواة مع الرجل في تحمل المسؤولية وقطف الثمرات اليانعة لكل جهد صادق تمّ بذله في تشييد صروح الوطن.

وتأسيساً على هذه المكانة السامية للمرأة التي بلغتها عن جدارة واستحقاق استشرف صاحب السموّ المكانة القادمة للمرأة في السنوات الخمسين القادمة، وجزم بأنّ المرأة الإماراتية ستكون هي أفق الطموح وطيفَ النور والإشراق الذي سيضيء الطريق في مسيرة الوطن، وهذا تكريم معنوي نادر يجعل من المرأة مُلهماً للأجيال، وسنداً للرجال، وضَوْءاً يمنح الحياة لحظة الصفاء والضياء والإشراق، وأنّ هذا الدور المعنوي العظيم ليس مجرد تصوّر مثالي لجهد المرأة بل هو ثمرة الريادة الواعية لكل مجال في مجالات الحياة، مع الإنجاز المتميز الذي يرتفع به رأس الوطن عالياً، وتتشرف به البلاد ويفتخر به العباد.

(اعلمي أنّ الإمارات ستنهض بك ومعك، ستدعمك، سترفع من شأنك، ستعزّز مكانتك) بهذه المواجهة الراقية بين صاحب السموّ وبين بنت الإمارات يتوجه صاحب السموّ بياء المخاطبة وكافها مؤكِّداً للمرأة الإماراتية أنّ الدولة ستكون معها، وستنهض بها ومعها، في شراكة تامة تؤكد عمق التلاحم بين الوطن والدولة والإنسان، ولن يتوقف الأمر عند مجرد النهوض بل ستواصل الدولة دعم المرأة في جميع تطلعاتها وآمالها، وسترفع من شأنها من خلال إسناد المهام التنفيذية المُشرّفة إليها تعبيراً عن تمام الثقة بها، فدعم المرأة لا يعني في سياسة الدولة مجرد الدعم المادي فهذا مما يتكفّل به صندوق مالي في بناية لها صرّافٌ آليّ، بل لا بدّ من أن يكون الدعم حقيقيّاً من خلال تمكين المرأة في عملها والإسهام الفاعل في مسيرة التنمية بهدف إنضاج شخصيتها وصقل مهاراتها، لأنّ ذلك هو الذي يُعزّز مكانة المرأة، ويرفع من شأنها، ويكشف عن الدور الحقيقي الذي تقوم به عبر المسيرة الطويلة لبناء الوطن.

(تُطلقين العنان لإبداعاتك، تُسخّرين طاقاتك، تثبتين قدراتك، تؤكدين إمكانياتك، تحقّقين طموحاتك)، في هذا المقطع البالغ الروعة من التغريدة يبدو لنا صاحب السموّ وهو يحتفي بالملكات الثمينة للمرأة وكأنه يرشدها إلى مكامن القوة في شخصيتها، حيث جاءت هذه الكلمات مرصوفة في صفّ بديع يشتمل على جميع ما تتميز به المرأة الإماراتية من إبداع وطاقة وقدرات وإمكانيات وطموحات، فكأن صاحب السموّ يقول لها: أنت جديرة بكل هذه الثقة لأنّ عندك هذه المنظومة الرائعة من الطاقات التي تجعلك متميزة، فإذا كنتِ غير متفطنة لهذه الملكات المتميزة في شخصيتك فنحن نرشدك إليها لكي تأخذ حقها في الإبداع، وتزداد الثقة بالمرأة حين يُسند صاحب السموّ الفعل إليها، فهي التي تطلق العنان لإبداعاتها، وهي التي تسخّر طاقاتها، وهي التي تثبت قدراتها، وتؤكّد إمكانياتها، وتحقّق طموحاتها، بمعنى أنها هي المسؤولة عن ترسيخ مكانتها اللائقة بها في الحياة والمجتمع، وأنّ هذه المكانة ستكون استحقاقاً ووسام شرف تناله بجهدها، وليس مجاملة لها وتشجيعاً لدور خجول متردد لا تريد الدولة ولا القيادة أن تحصر المرأة في إطاره وإساره.

(سنظل داعمين لكِ دائماً وأبداً، لأننا نعلم يقيناً بأنكِ كما أبدعتِ في الخمسين عاماً السابقة، ستكونين أكثر جمالاً وإبداعاً وإشراقاً في الخمسين القادمة)، ولأنّ المرأة الإماراتية تستحق كلّ هذا التكريم وكلّ هذه الثقة يؤكد صاحب السموّ وبنبرة جازمة أنّ الدولة ستظل داعمة للمرأة على طول المسيرة من دون كللٍ أو تقصير، وأنّ هذا الدعم هو ثمرة الثقة الواعية بالدور الريادي الكبير الذي أبدعت من خلاله المرأة الإماراتية خلال المسيرة الماضية عبر خمسين عاماً متواصلة من العمل والعطاء، وأنّ المرحلة القادمة ستشهد مزيداً من الألق والتفوق والإشراق لمسيرة المرأة الإماراتية التي تختزن في سجلّها الوطني تجربة ثرية هي نصف قرنٍ من العطاء والخبرات، لتكون الخمسون عاماً القادمة هي الميدان الرحب الفسيح الذي ستثبت فيه هذه المرأة أنها كانت على قدر هذه الثقة وعلى مستوى هذا التبجيل والتقدير والاحترام.

Email