دبي مدينة الانفتاح والتقدّم

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ مطلع القرن الماضي وتحديداً في العام 1912م، وحين آلت مقاليد إمارة دبيّ إلى الشيخ سعيد بن مكتوم رحمه الله كانت نظرته الثاقبة النابعة من ذكائه البدويّ اللمّاح أنّ قدَر مدينة دُبيّ أن تعتمد سياسة الاقتصاد المفتوح، وأن تكون منفتحة على العالم وما يجري فيه من تطورات لضمان مسيرتها نحو التميّز والتقدم والتفوق واحتلال مرتبة «الوجهة» العالمية للنشاط الاقتصادي، فشهدت دبي في عهده ازدهاراً اقتصاديّاً كان هو بمثابة الركيزة الأولى للانطلاق نحو الآفاق المرسومة لهذه المدينة اللامعة مثل لؤلؤة ساطعة بين مدائن الخليج، وعلى خُطى الشيخ المؤسس سار المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الباني الأكبر لدبي، والمؤسس الحقيقي لانطلاقتها الكبرى، فشهدت في عهده الميمون نقلة حضارية كبرى على جميع المستويات ولا سيما المستوى الاقتصادي، وهو ما زالت آثاره ماثلة للعيان، وحين آلت مقاليد الحكم إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وصلت دبي إلى مدارها الأقصى في التطور والإنجاز، بحيث أصبحت حكايتها في التقدم نموذجاً في التطور والتقدم والانفتاح، وكان الاقتصاد هو الهاجس الأول لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، لأنّ تحقيق النموّ الاقتصادي هو المفتاح لتحقيق جميع مظاهر التقدم والتطور في جميع مسارات الحياة، ويضيق المقام عن مجرد الإشارة إلى المراكز المتقدمة التي حققتها هذه المدينة الباهرة النشاط في جميع مرافق الحياة.

في هذا السياق المتواصل من الاهتمام الفاعل بتطوير مسيرة دبي نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على حسابه في «تيك توك» تدوينة ثمينة بصوته الواثق بخصوص التحولات العميقة في التفكير الاقتصادي للإمارة، حيث ركّز على طبيعة التواصل بين الأجيال، وأنّ التحوّلات هي جزءٌ من طبيعة الحياة، وأنّ المرحلة القادمة ستشهد نقلة نوعية من التفكير الاقتصادي التقليدي إلى التفكير الاقتصادي الرقمي الإلكتروني، لتشهد الحياة القادمة نمطاً جديداً من التفكير يحتاج إلى طاقات عقلية وخيالية تكون على مستوى المرحلة.

(إننا نعيش في عالم جديد لم يعرفه آباؤنا وأجدادنا، لكنّ الأجيال تتواصل، والكون يعمر، إنها الاستمرارية) بهذه اللغة المؤسسة على التأكيد الجازم المستفاد من الحرف «إنّ» المشددة، يؤكد سموه أن هناك جملة من الفوارق بين حياة الآباء والأجداد وبين حياة الأبناء، وهي فوارق طبيعية لأننا بحسب عبارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نعيش في عالم مختلف في طبيعة تفكيره ومنجزاته، لكن هذا الاختلاف لا يعني وجود قطيعة بين الأجيال، وانعدام التواصل بين الماضي والحاضر، فالأجيال تتواصل من خلال فكرة تطوير المنجز والبناء عليه، وبهذا التواصل الحميد يكون إعمار الحياة وبناء الحضارة التي هي في جوهرها تجسيد لاستمرارية التواصل بين الأجيال مهما كانت درجة الاختلاف بينها.

(سيكون علينا تمكين شعوبنا وقطاعنا الخاص من المنافسة على مستوى العالم)، في هذا المقطع من التدوينة يحدّد سموه المسؤوليات الجسيمة التي تقع على عاتق القيادة بخصوص تطوير الوعي بالمنافسة، وحين تكون المنافسة في مستواها الإقليمي فإن التحديات تكون سهلة وميسورة، لكنها حين تكون على المستوى العالمي فهذا يعني الدخول في قلب المغامرة، والحاجة الماسّة إلى العمل المتواصل الدؤوب وابتكار الأفكار الخلاقة التي تضمن حجز المقعد الأول في الصف الأول، وهو هدفٌ ثمينٌ ومُكْلف، لكن هذه الرؤية للتفوق والتميز أصبحت جزءاً من التفكير العملي للدولة وهاجساً عميق التجذر في الوجدان العام لأبناء الوطن، بحيث لا يمكن تصوّر المنافسة على غير المراكز الأولى تجسيداً لفكرة التفوق والتميز في جميع مسارات الحياة.

(نحن تحولنا من التجارة التقليدية إلى التجارة الإلكترونية) وهذه الفقرة هي جوهر التدوينة، وخلاصة البِشارة التي يريد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن يخاطب بها أبناء شعبه، فمدينة دبيّ وبحكم موقعها العالمي وعلاقاتها الدولية لم تعد قادرة على البقاء في مسار التجارة التقليدية بل تحتّم عليها الدخول في قلب التحديات، وانتهاج مسار التجارة الرقمية الإلكترونية التي هي من سمات المجتمع الحديث وما طرأ عليه من تحولات في التفكير الاقتصادي على وجه الخصوص، وعليها تعتمد كثير من الدول المتقدمة في جميع تعاملاتها الاقتصادية نظراً لما توفره من امتيازات في طليعتها الاستفادة القصوى من عنصر الزمن وتقديم الخدمات الاقتصادية ضمن شبكة متطورة جداً من تكنولوجيا المعلومات التي ألغت الحدود والحواجز، وسهّلت عمليات التبادل التجاري من خلال الأجهزة الذكية المتطورة التي تستفيد من الزمن، وتقدم أفضل الخدمات ضمن أقل التكاليف.

(فكر الإنسان يعني ما له حدود، نحن مصممون على مواصلة العمل في تسريع تطوير دبي في اقتصاد المعلومات، وسنحافظ على مكانتنا في المقدمة) وترسيخاً لكل ما سبق يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على فاعلية الإنسان في جميع نشاطات الحياة، فعلى أفكاره المبدعة يقوم كل شيء، ومن طبيعة الفكر الإنساني أنه فكر مفتوح على جميع مسارات الإبداع، لكن المهم هو تنشيط هذا الفكر وتفعيله، وبخصوص اقتصاد دبي يجزم سموه وبنبرة عالية من التصميم على أن القيادة ومعها الشعب مصممون على مواصلة التقدم في هذا المجال الذي ستكون ثمرته مواصلة العمل في تسريع تطوير مشاريع دبي في رقمنة الاقتصاد والانتقال إلى الاقتصاد الإلكتروني مع تصميم بالغ التأكيد على أننا في دبي قيادة وشعباً سنظل في المقدمة لأنّ هذا هو المكان الوحيد الذي نراه لائقاً بنا.

ومع كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد كانت هناك بعض العبارات المحفّزة التي تؤكد المضمون الثمين لكلام سموه، حيث خُتمت التدوينة بالعبارة الرائعة التالية: «الاقتصاد الرقمي لا يحتاج إلى مُنشآت ضخمة، بل يحتاج إلى عقول وأفكار وخيال» لتكون هذه الكلمات دافعاً عميق التأثير في المتلقي لكي ينهض بدوره المنتظر في مسيرة دبيّ نحو التميز والتقدم والإبداع.

Email