الشباب ورهان القيادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما كنت سفيراً في الأردن، وصلتني دعوة لحضور ندوة لمناقشة إخفاقات الأمة العربية خلال المئة سنة الماضية، وآفاق المئة سنة القادمة، كان المتحدثون تسعة أشخاص، ما بين رئيس وزراء سابق أو رئيس برلمان، أو مدير أمن، كان أغلبهم قد تجاوزوا السبعين عاماً، إن لم يكونوا قد تجاوزوا الثمانين.

كان الحديث يدور بأسلوب جلد الذات، أو اتهام المؤامرات، دون الحديث عن تقصير الأمة تجاه نفسها، أما الحضور فلم يكونوا بأصغر منهم سناً، وكانوا يجلسون في مجموعات حول طاولات متباعدة.

أثناء ذلك الحديث همس لي أحد الأصدقاء قائلاً: ما رأيك في الحديث الدائر، أجبته: المتحدثون هم جزء من إشكالية الماضي، لأنهم من أجيال أسهمت في صناعة القرار العربي وتنفيذه، هم وأقرانهم في باقي البلدان العربية، لكن الإشكالية أنه لا يوجد من بين المتحدثين أو الحضور أحد من الشباب الذين سيتحملون مسؤولية المستقبل، والذين يجب أن يشاركوا في وضع استراتيجية مستقبلهم.الشباب هم كما تطرح بعض المقولات هم نصف الحاضر وكل المستقبل، فعلى سواعدهم تبنى الدول لحماستهم وحرصهم، وجدة أفكارهم، حضرني هنا موقف ذكرته مراراً، فعندما كنت بسفارة الدولة في القاهرة كان المرحوم سيف غباش كلما جاء إلى مصر يطلب ترتيب عقد لقاء مع الطلبة، وذات يوم قال له أحد الدبلوماسيين لا تذهب لهم سيزعجونك بأسئلتهم، فرد قائلاً هؤلاء الشباب لديهم أفكار، وعندما كنت في سنهم كانت لدي أفكار ولم تكن عندي سلطة لتنفيذها، الآن أنا عضو بمجلس الوزراء، أستطيع أن أطرح هذه الأفكار في اجتماعات المجلس لإقرار الصالح منها، لكن تلك الأفكار لم تعد موجودة لدي، لذا أريد أن أسمع منهم بعض الأفكار عسى أتمكن من تحقيقها.

وكما جاء في المثل الشعبي الإماراتي (الشباب شعلة من النار افسل به أو انسل به)، أي أزرع به أو كاثر به النسل، وهذه كناية عن أهمية الاعتماد على الشباب، ودورهم في بناء مستقبل بلدانهم. هذه الرؤية هي التي اعتمدتها الدولة منهاجاً للعمل.

فمنذ أن تسلم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد رئاسة الحكومة، اعتمد على عنصر الشباب، فأدخل في الحكومة عدداً من الوزراء الشباب، من بينهم وزارة للشباب تترأسها وزيرة شابة. وأعدت قوائم الذين يحق لهم الترشيح والانتخاب للمجلس الوطني من العناصر الشابة، وأسندت المراكز القيادية في المؤسسات الرسمية لعدد من هؤلاء الشباب، وتأسيس مجالس للشباب.

وأكد سموه أهمية إعداد كوادر الصف الأول والصف الثاني، وتم تأهيلهم وإعدادهم لتحمل المسؤوليات، فترجموا رؤية سموه، وكانوا عند حسن الظن، حيث تمكنوا من إحداث نقلة جوهرية في الأداء الحكومي المتميز، باستيعابهم متطلبات التغيير، وإتقانهم فنون العمل الإداري الناجح، لتحقق الإمارات مكاسب تنموية مشهودة على جميع الأصعدة.

ولقد تجلى رهان القيادة على الشباب فيما جاء في تصريحات كل من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لدى الاحتفال باليوم العالمي للشباب، عندما قال سموهما على منصاتهما على التواصل الاجتماعي: الشباب هم الحاضر والمستقبل، وهم رهاننا لبناء المستقبل، حيث نثق بقدراتهم، وقدرتهم على تجاوز التحديات، والعطاء والابتكار، فالإمارات حاضنة لأحلام وطموح الشباب، لأنهم الأمل والمستقبل، فبنجاحاتهم ننتقل إلى العالمية، ونحقق قصة نجاح ملهمة، إننا نفخر ونعتز بهم، فهم أغلى مورد في بناء الأوطان وتحقيق الطموح.

Email