ذُخر الوطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

الإحساس بالشباب حالة نابعة من طبيعة الروح القوية المحتدمة النشيطة، وليست مرتبطة إطلاقاً بالزمن وما مضى من العمر، فقد يكون الإنسان في قلب السبعين لكنه مفعم الروح بالحيوية والنشاط، وربما كان في بدايات العشرين لكن روحه شائخة تشعر بالعجز تجاه الحياة، فالشباب إحساس في جوهره، وسلوك في مظهره، ونحن في بلدنا الإمارات محظوظون بقائد فذٍّ يمتلك من العزيمة المتوقدة، والنشاط الدائم، والرغبة الصادقة في تحفيز الهمم وتنشيط الطاقات ما يمنحنا شعوراً عميقاً وصادقاً بالفخر لا سيّما ونحن نتابع باهتمام واحترام ما يكتبه أو يلقيه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، على منصات التواصل الاجتماعي من ومضات أو أبيات شعرية أو حديث شخصي يبعث العزيمة في النفوس، ويجدد الإحساس بروعة الحياة وجمالها، وقيمة العيش ضمن الشعور بالقوة والنشاط والرغبة العميقة في قهر الصعاب، وتحدي المستحيل.

في هذا السياق من الاهتمام المتواصل بالوطن وشبابه، نشر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد على حسابه في إنستغرام بيتين من الشعر الصافي على شكل رسالة إرشاد وتوجيه، توجّه بهما إلى شباب الوطن هما في جوهرهما ولفظهما ترحيبة صادقة من قلب قائد جسور ممتلئ الروح بالحيوية والنشاط، يحبّ شباب وطنه، ويضعهم في مكان لائق من قلبه الكبير، وحين يطلق صاحب السموّ كلمة شباب فإنما يريد به شباب الوطن وشاباته، ولقد وضح صاحب السموّ هذا الموقف بقوله في كتابه «رؤيتي: التحديات في سباق التميز» في الصفحة 107 حيث عقد فصلاً لطيفاً بعنوان «المرأة» افتتحه بقوله: «ما ذكرتُ كلمة شباب في هذا الكتاب إلا وقصدتُ بها فتيات الإمارات وفِتيانها، وما جمعتُ بالأغلبية بل بالشمول، لذا أرجو من القارئات الكريمات ألا يعتبرن ذكرهنّ في هذا القسم حاشية لفصل سجّلتُ فيه بعض خواطري عن الأهمية الحاسمة التي تنظر بها قيادتنا إلى الطاقة البشرية في الإمارات»، ولذلك جاء خطابه اليوم لشباب الوطن على شكل ترحيبة جميلة تشحذ الهمم، وترفع المعنويات، وتستعيد الماضي الزاهر لصاحب السموّ حين كانت روحه معمورة بالأحلام الجميلة للوطن وأبناء الوطن، وكيف أنّ هذه الأحلام الكبيرة التي كانت في عِداد المستحيل حين كانت تخطر على البال نراها اليوم واقعاً متحققاً على أرض الواقع، ليكون ذلك الماضي رسالة قوية التأثير للأجيال والطلائع بأنّ الأحلام الجميلة الصغيرة هي التي تصنع التاريخ الكبير الجليل.

مرحبا يا شبابٍ يكسبون الرهان

يا أملنا المرجّى وللوطن ذخرنا

بهذا اللطف الرائق يسلّم محمد بن راشد على شباب الوطن من قلبه الصافي، ويحييهم بتحية الفرسان الذين يثق بهم، ويضع أمله في هممهم العالية وعزيمتهم القوية، فهم الذين يراهن عليهم في المستقبل لصناعة المجد، ولن يخيب ظنه فيهم، فما تعوّد منهم إلا على الفوز بالرهان، وما طابت أنفسهم بتحقيق الفوز العادي المألوف، بل تعلّموا في مدرسة صاحب السموّ أن المركز الثاني هو كغيره من المراكز المتأخرة، وأنّ غير المركز الأول ليس مطروحاً إطلاقاً في أهداف وخطة صاحب السموّ وفريق عمله، فأنشأ فيهم هذه الروح الإيجابية التي تعشق التحدي، ويغمرها الإحساس العميق بالفخر وهي تقهر المستحيل، فهم الذين يعقد عليهم صاحب السموّ الأمل في الارتقاء بالوطن، وهم ذخر الوطن للأيام المقبلة، وسلاحه المادي والمعنوي الذي هو درع البلاد وقلعتها الحصينة التي تستعصي على كل من يحاول تعكير صفو الحياة في بلد الأمن والعطاء والخير والسناء.

كنت بأول شبابي مثلكم واستبان

حلم يا ما حلمته وكل يوم دنا

في هذا البيت الجميل يلقي صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد نظرة على الماضي القريب البعيد حين كان معمور القلب والخيال بالأحلام السعيدة التي يريد أن يراها متحققة في أرض الوطن، وكيف أنّ ذاكرته الغضّة ظلت تحتفظ بكل الصور الجميلة التي كان يشاهدها ويتمنى أن يحققها في بلاده مثل قصة مطار هيثرو في لندن، ومثل تحقيق أحلام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، رحمه الله، في الوصول إلى الفضاء، ومثل بناء ميناء جبل علي وغيره الكثير الكثير من الأحلام والهواجس التي كانت تُداعب خيال ذلك الشاب المكتظّ بالطموح الكبير، والعزيمة الوقّادة، والروح المغامرة، والتصميم الذي لا يعرف التردد على تحقيق المستحيل مهما كانت الصعوبات والعقبات ليكون من ذلك كله إسهام كبير في صناعة مجد الوطن بإماراته السبع، ورفع رأس الإمارات عالياً في جميع المحافل والمسارات على المستوى العالمي، وإنجاز فريد لا يتكرر في صنع لؤلؤة الخليج «دبيّ» التي أصبحت واحدة من أرقى المدن العالمية حيث تحتضن النشاط التجاري العالمي، وتمتلك بنية تحتية وشبكة خدمات متطورة لا تحلم بها أكبر الدول الحديثة، وكل ذلك كان حلماً جميلاً وبريئاً داعب خيال ذلك الفارس الشجاع الشيخ محمد بن راشد حين كان يرافق والده صانع مجد دبي الراحل الكبير الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، الذي تعلّم منه الجرأة والإقدام، وعدم الخوف من المخاطر والتحديات مهما كانت طبيعتها ومهما كان حجمها، ليظلّ صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد ذلك الوارث الأمين لوصايا الآباء والأجداد الذين أعطوا وأجزلوا العطاء، وواجهوا من الظروف ما يشهد بصبرهم وجَلَدهم وتصميمهم على بناء الوطن النموذج الذي يستحقّ منا كل تضحية وبذل وعطاء وانتماء.

Email