خرافة البداية من الصفر

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيراً ما يقال إذا أردت أن تصل إلى النجاح ابدأ من الصفر، والحقيقة هي أنه لا يوجد صفر حتى يبدأ منه الإنسان، فإذا عدنا إلى بداية البشرية عندما خلق الله آدم عليه السلام، لم يتركه يتجول في الجنة دون علم بما حوله، بل علّمه الله أسماء كل شيء، وأخبره حتى عن العدو الذي يجب أن يحذر منه، فإذا كان آدم عليه السلام لم يبدأ من الصفر، فكيف نبدأ منه نحن؟

بعض الأفكار التي ينشرها رواد التنمية البشرية كالبداية من الصفر أو أن عليك أن تواجه العالم وحدك، ليس لها أساس من الصحة، ولا تخدم المجتمع، فنحن هنا نبدأ من حيث ما انتهى الآخرون، وهكذا قامت الحضارات، بالتعاون المباشر أو غير المباشر من أجل نهضة الأفراد والمجتمعات، فهذا سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي أعطى البشرية التنمية التي تستحق يقول «يد الله مع الجماعة» لأن الجماعة هي أساس القوة، أدرك ذلك الاقتصاديون فانتهى عصر المالك الواحد وبدأ عصر الشركات التي يملكها المئات وأحياناً الآلاف من أصحاب الأسهم، وأدرك ذلك الأفراد فأصبحوا يتبادلون الآراء في اجتماعات العصف الذهني، لأن الوحدة التي يعاني منها الإنسان في مواجهته مع الصفر، لا تتناسب مع فطرة الإنسان الأساسية وهي المشاركة والتعاون، لذلك لم تكن البداية فردية ومن الصفر، وعندما نزل آدم عليه السلام إلى الأرض نزلت أمنا حواء معه.

إذا أراد الإنسان الوصول إلى النجاح، عليه أن يعرف قدراته وإمكاناته، وبعد ذلك عليه أن يطلب من نفسه ما يمكنها فعله وما تقدر على تحمله، لذلك كانت من حكمة الله وعدله أنه لم يحملنا ما لا طاقة لنا به، فلماذا نظلم أنفسنا ونستخدم أساليب مستحيلة كالبداية من الصفر ونحن نعلم أنه لا حدود لعزيمة الإنسان ولكن هنالك حدوداً لطاقته.

Email