نهاية «إخوان» تونس مسألة وقت

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتسارع الأحداث في تونس على إثر القرارات الجريئة والهامّة التي اتّخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد يوم 25 يوليو الماضي وهناك مؤشّرات عديدة على أنّ تحوّلات سياسية على درجة كبيرة من الأهمّية ستحدث وستكون لها تداعيات على المشهد الحزبي والسياسي.

ويبدو أنّ أهمّ هذه القرارات الرئاسية هو تولّي رئيس الدولة رئاسة النيابة العمومية ( الإدّعاء العام) لأنّ ذلك من شأنه أن يوقف من جهة نزيف اختراق المنظومة القضائية من طرف حركة «النهضة الإخوانية» وكذلك يعجّل بمسار قضايا الإرهاب والفساد.

وقد بدا حرص الرّئيس قيس سعيّد على التصدّي لكلّ أشكال الاختراقات لأجهزة الدولة واضحاً إذ أكّد أنّ «مشاريع تفتيت الدولة من الداخل مكشوفة ولن تمرّ». وكانت «النهضة الإخوانية» على مدى العشر سنوات الأخيرة تسعى إلى وضع اليد على القضاء وعلى مفاصل الإدارة والدولة، ولم تكن تُبدي تمسّكاً كبيراً بالسيطرة عددياً على الحكومات المتعاقبة منذ 2011 ولكنّها كانت في المقابل تتحكّم في خيوط اللعبة من خلال الكمّ الهائل من الإداريين والمستشارين الذين زرعتهم في الإدارة العمومية وفي الوزارات وفي «القصبة» مقرّ رئاسة الحكومة. وقد ساعدها هذا «الزهد» المغشوش في المناصب الوزارية على التملّص من مسؤولية السياسات الفاشلة لجلّ الحكومات.

وقد كانت انتهازية بعض الأطراف السياسية والحزبية والطمع الذي طبع سلوكها من العوامل التي مكّنت «النهضة الإخوانية» من تنفيذ إستراتيجيتها في الإستيلاء على الدولة كمرحلة لأخْوَنَةِ المجتمع التونسي. قرارات الرئيس قيس سعيّد يوم 25 يوليو جاءت لتضع حدّاً لطموح «النهضة الإخوانية» وفتحت أمامها أبواب المحاسبة والملاحقة القضائية بدءًا بالتدابير الإحترازية التي شملت بعض أعضائها والمتعاونين معها.

ويزداد اليقين رسوخاً لدى عموم التونسيين بأنّه كلّما تقدّم سير الملفّات القضائية في هذا الخصوص بانت أكثر شبهة ضلوع «النهضة الإخوانية» في عديد الممارسات ذات الصلة بالإرهاب وبالفساد المالي وهو ما قد يفسّر «إنحناءها» للعاصفة وتراجعها الوقتي عن تجييش أنصارها لمعارضة قرارات الرئيس ودعواتها المستمرّة إلى الحوار.

ولسنا في حاجة إلى التأكيد على أنّه من ثوابت السلوك «الإخواني» قول الشيء ونقيضه وتغيير المواقف بصورة راديكالية وبحسب المصلحة الآنية لكنّ الثوابت باقية فَهُمْ «يتبدّلون ولا يتغيّرون».

وقد كشف نهم حركة «الإخوان» الدولية للسلطة، للعموم، طبيعتهم الإرهابية المعادية للمجتمعات الآمنة وللدول وعرّت جشعهم وهرولتهم وراء المغانم والمنافع وأظهرت بالتالي زيف أخلاقهم وعجّلت بسقوطهم في مصر أوّلاً لهذه الأسباب.

إذْ و بعد مُضِيِّ قرابة القرن من تّأسيس «حركة الإخوان»، خسرت كلّ مواقعها في سنة واحدة من الحُكْمِ. سنة واحدة كانت كافية لسحب البساط من تحت أقدام «حركة الإخوان» والبدء بتقويض تنظيمهم الذي تأكّدت طبيعته الإرهابية.

سنة واحدة من الحُكْمِ أظهرت للمصريين وللعالم أجمع أنّهم يريدون الدولة المصرية لأجل تحقيق أهداف حركة «الإخوان الدولية» بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطن، وليس أسهل على شعب عريق في التمسّك بسيادته الوطنية وبتاريخه وبقيمه من لفظ أيّ فرد أو جماعة تأكّد كذب تمسّكها بمصلحة مصر والمصريين.

سنة واحدة كانت كافية كي يتحرك ضمير المصريين وجيشهم الوطني ويضع حدّاً لمسعى «الإخوان» لتحويل وجهة الدولة والمجتمع المصري وجعلهم قاعدة من قواعد حركتهم، وقد كان لذلك التأثير المباشرعلى كلّ ما جرى لاحقاً في المنطقة ومنها تونس.

ولأنّ تونس تمتلك أوراقًا رابحة على درجة كبيرة من الأهمّية فهي تمكّنت خلال فترة العشر سنوات الماضية من التصدّي لكلّ مؤامرات «النهضة الإخوانية» وأفشلت كلّ مخطّطاتها، ومن هذه الأوراق، مجتمع مدني بقيادة إتحاد العمّال عصيّ عن الإختراق وامرأة تونسية رافضة بـ«الفطرة» لأيّ فكر ماضوي يمكن أن يهدّد مكاسبها وشبيبة ذات زاد معرفي وسياسي مهمّ وهي وإن كانت رافضة للنسيج الحزبي الحالي برمّته إلّا أنّ فكرها بنّاء وكانت هذه الشبيبة الأساس في حراك 25 يوليو الماضي ضدّ «النهضة الإخوانية» والذي تُوّج بقرارات الرئيس قيس سعيّد.

لكأنّ وتيرة التاريخ تتسارع وتتكثّف معلنة عن نهاية «الإخوان» وما تمّت مراكمته خلال العشرية الماضية حصدت تونس نتائجه في ساعات قليلة، وضربة بداية الانهيار كانت مطالبة رئيس مجلس شورى«النهضة الإخوانية» بثلاثة آلاف مليار تونسي تعويضات لجماعته في وقت يموت فيه التونسي جوعاً وبفعل «كورونا» وهو تصريح كشف جشع الإخوان، المسؤول «الإخواني» حدّد يوم 25 يوليو للتنفيذ، وجاء اليوم الموعود معلناً عن بداية النهاية.

Email