الغزو الفكري من خلال الإدمان التقني

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر الإدمان التقني من أخطر أنواع الإدمان السلوكي، وهو اضطراب مرضي يجعل الفرد يقضي وقتاً طويلاً أمام الشاشات، وله العديد من الصور، فقد يدمن الفرد الألعاب الإلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، والتي تؤثر بالسلب على الحياة الاجتماعية للفرد، وتمنعه من ممارسة حياته بصورة طبيعية، ومن أكثر المخاطر التي يتعرض لها الإنسان بسبب الإدمان التقني هي الغزو الفكري، فكيف ذلك؟ لا بد أولاً أن نعرف خطورة الإدمان التقني، ونلقي الضوء على الغزو الفكري الذي يتعرض له الإنسان من خلال الإدمان التقني.

أصبح من النادر أن تجد شخصاً لا يستخدم الإنترنت والوسائل التقنية في الوقت الحاضر، لكن هذا لا يعني أن جميع المستخدمين مدمنين، فلا يعتبر الشخص مدمناً إلا عندما يعوقه هذا الاستخدام عن ممارسة حياته بصورة طبيعية.

وخلال الآونة الأخيرة بات الإدمان التقني المتمثل في إدمان وسائل التواصل الاجتماعي هو الأكثر انتشاراً وخطورة مع انتشار الهواتف الذكية وتزايد التطبيقات. وأصبح الفرد يتأثر بأفكار وعادات مختلفة، ويتمرد على وضعه الاجتماعي ويقوم بما يسمى بالتقليد الأعمى.

إن الغزو الفكري يرتكز على عقيدة الفرد وأخلاقه ومبادئه، فيسيطر عليه ويبسط نفوذه، وأكثر فئة يتعرض لها هي فئة الشباب، فمن المعروف أنهم جوهرة الأمة والعقول التي تبني المستقبل، لذا فإن غزو عقولهم يعني غزو الأمة، وفصل هؤلاء الشباب عن جذورهم.

وتتعدد أساليب الغزو الفكري للشباب من خلال الإدمان التقني، حيث: تنشغل عقولهم بالعديد من الأمور عديمة النفع، والتي لا قيمة لها مثل الموضة والألعاب الإلكترونية وغيرها، وتغيير الحقائق والعقائد التي تربى عليها هؤلاء الشباب من خلال غرس أفكار سلبية تحرف الحقائق وتخالفها، بناء على أهداف من لهم مصلحة في زعزعة مبادئ واعتقادات الشباب، كما يتم تسميم العقول ببث العديد من الآراء الثقافية، وتحويل فكر الشباب عن طريق استخدام كلمات ومواقف مؤثرة، وتحاول بعض المواقع تشجيع الشباب على الأخلاق السيئة بشتى الوسائل.

ويمكن مواجهة هذا الغزو الفكري الذي يتغلغل بيننا، لا سيما بين الشباب من خلال: توعية الشباب بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل التي تجعل الفرد يتوقف عن ممارسة حياته بصورة طبيعية، فإنها وإن كانت لها فوائد في بعض الأحيان؛ إلا أنها سلاح ذو حدين. كما أنه لا بد من الاهتمام بتربية العقول بطريقة صحيحة وتقريب الشباب من دينهم، وتشجعيهم على أن ينتهجوا الفكر العميق ويتجنبوا الأفكار والأخلاق التي من شأنها زعزعة عقائدهم. إلى جانب شغل أوقات فراغ الشباب، وتوفير فرص عمل لهم، وبث أجواء من روح المنافسة بداخلهم حتى يتسنى لهم تجنب أي وسائل تلهيهم عن ممارسة حياتهم بشكل طبيعي. ودعم أمن الشباب الفكري ومعالجة نقاط ضعفهم التي يمكن للآخرين استغلالهم عن طريقها من أجل مصلحتهم.

وتفعيل دور الرقابة الأسرية على الأبناء، سواء كانوا أطفالاً أو مراهقين، فهؤلاء أيضاً لم يسلموا من الأفكار الهدامة والمعتقدات الخاطئة، والتي تصل لهم عبر قضائهم لساعات طويلة أمام شاشات هواتفهم وانفصالهم عن أسرتهم، حتى أصبح الفرد منهم عندما تصادفه مشكلة لا يذهب لأسرته، بل يتداولها عبر المنصات مع الآخرين.

Email