الغموض هو المفهوم الذي يتردد غالباً إثناء التشاور حول آفاق الاقتصاد العالمي للسنوات الخمس المقبلة، وهذا ينطبق على البيرو أيضاً. ومع ذلك، وعلى عكس ما يحدث على الصعيد العالمي، فإن الافتقار إلى اليقين لا ينشأ فقط عن جائحة كوفيد-19 بالنسبة إلى هذا البلد الواقع في أميركا اللاتينية، والذي يستعد للاحتفال بمرور 200 عام على استقلاله في 28 يوليو، بل من واقع قدرته على جذب استثمارات جديدة. 
فقد ضرب الوباء بشدة دولة البيرو اقتصادياً منذ عام 2020، مع انخفاض سنوي في الناتج المحلي الإجمالي نسبته 11.12%، ومذ ذاك، إن كان هناك شيء ما يميز البيرو، فهي قدرتها الممتازة على الصمود. 

ووفقاً لبنك الاحتياطي المركزي في البيرو، أظهرت البيرو القدرة على التعافي السريع من الأزمات الاقتصادية التي مرت بها خلال قرنين من الاستقلال في تاريخها. حدث ذلك خلال أزمة عام 1929 وفي عام 2008، وهو يحدث الآن: ويًظهر النمو السنوي بنسبة 5.58% في ابريل، و2.18% في مارس، انتعاش اقتصاد البيرو.  

بالنسبة إلى صندوق النقد الدولي، ستنمو البيرو بنسبة 8.5% في عام 2021، وبالنسبة الى برنامج "بنك الاحتياطي المركزي" للبيرو، سيكون النمو 10.7%. والحقيقة هي أن البيرو تنمو بمعدل أسرع من الولايات المتحدة أو أي اقتصاد أوروبي رئيسي، كما أنها تقود انتعاش منطقة أميركا اللاتينية، وفقا لمصدر المعلومات الاقتصادية "لاتين فوكس".  

تبني الصادرات

ووفقا لوزارة التجارة الخارجية والسياحة، بلغت الصادرات البيروفية في الفترة الممتدة ما بين يناير ومايو من هذا العام إلى 19674 مليون دولار. وهذا الرقم هو أعلى بنسبة 43% من الرقم المسجل في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020، وأعلى بنسبة 7% مقارنة بفترة ما قبل الجائحة، والواقعة بين يناير ومايو 2019. وتخطط البيرو أن تصل نهاية العام إلى نمو 24% في صادراتها مقارنة بعام 2020، لتوطيد مكانتها كأكبر مصدر عالمي للهليون والكينوا والتوت والعنب الطازج والزنجبيل والافوكادو. بالإضافة الى ذلك، ستستفيد تجارة النحاس والذهب التقليدية من الدورة العالمية الجديدة لإرتفاع الأسعار. 

وبالنسبة إلى الهيئة الوطنية للموانئ، وهي الهيئة الفنية المتخصصة في تعزز تطوير موانئ جمهورية البيرو، يكمن الدور الحيوي في هذا التعافي في تحسين البنية التحتية للصادرات بفضل العمل المشترك بين القطاعين العام والخاص. 

وفي عام 2020، وعلى الرغم من الوباء، استثمر أصحاب الامتياز في موانئ البيرو مبلغ 318.8 مليون دولار أميركي في تحديث محطاتهم، وهو اتجاه لن يتوقف هذا العام. 

وقد أعلنت موانئ دبي العالمية التي تدير الرصيف الرئيسي لميناء كاياو في 9 مايو عن استثمار 350 مليون دولار في مشروعها الضخم لتوسيع ما يسمى "حوض الذكرى المئوية الثانية". وسيؤدي هذا التوسع إلى تعبئة ما يصل على 1.9 مليون حاوية مكافئة سنوياً،

في إظهار للثقة في مستقبل الاقتصاد البيروفي. وبالإجمالي، سيتلقى قطاع الموانئ في البيرو استثمارات بقيمة 1874 مليون دولار أميركي في 11 مشروعا للبنية التحتية، منها ثمانية مشاريع ستكون جاهزة هذا العام. 
السياحة تنتظر أكسبو دبي 2020

ولا تزال السياحة، وهي أحد محركات الاقتصاد البيروفي (تمثل 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي) مشلولة عملياً ولكنها جاهزة للانطلاق. ومع مناطق جذب سياحية شهيرة على مستوى العالم، تستعد حكومة البيرو لحملة مكثفة لجذب السياح الذين تحولوا عبر مشاركة الدولة بمعرض أكسبو دبي 2020. 

وتعد البيرو وأميركا اللاتينية أكثر مناطق العالم معاناة من انخفاض الاستثمار الأجنبي، مع انكماش في أميركا اللاتينية بنسبة 45% في 2020، إلى 88 مليار دولار، وفقاً للدراسة السنوية التي أعدها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، مع اختفاء السياحة باعتبارها أحد محركاتها الرئيسية.

ولكن الآن، مع ازدياد عدد الذي يتلقون التطعيمات خاصة في البلدان ذات الدخل المرتفع، فإن الاحتمالات مختلفة وتوجد فرص عظمية متاحة. وفي البيرو، يحدو البلاد الامل في عكس مسار الوباء مع تلقي  حوالي 8 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية في عام 2019 وبعدها 982 ملايين دولار فقط في عام 2020. 

ولهذا تعتمد البيرو على معرض أكسبو دبي 2020 الدولي، حيث ستصل الى المعرض حوالي 50 شركة من البيرو، منها 11 شركة في قطاع السياحة. ويحدد الكيان الحكومي البيروفي الذي يروج للبلاد، "برومبيرو"، مهمة المشاركة في أكسبو دبي في وضع البلاد كوجهة للسائحين ذوي الدخل المرتفع، إلى وجهات الحلم الحصرية مثل مدينة "ماتشو بيتشو" و"وادي الإنكا المقدس"، ومعالم "حصون كويلاب" و"دائرة شمال الأمازون". 

وفي نوفمبر 2019، عقدت مناسبة تحضيرية بين البيرو والإمارات من 100 من منظمي الرحلات السياحية ورجال أعمال مصدرين تمكنوا من التقدم باتفاقات تجارية مقابل 24 مليون دولار. 
بالتالي، يتمتع اقتصاد الدولة الواقعة في منطقة جبال الأنديز بآفاق ممتازة وفرص استثمارية كبيرة تظللها حالة من عدم اليقين الناجمة من أي تغيير في الحكومة، وبوجه خاص، الإشارات القليلة إلى الخطة الاقتصادية الجديدة للسنوات الخمس المقبلة. 

ومع ذلك، فإن احتمالات النمو في البيرو موجودة. والبلاد قد تكون مرة أخرى النجم الساطع لأميركا اللاتينية. أما التاريخ الحاسم فهو 28 يوليو، عندما يتولى الرئيس الجديد مهامه ويصبح أوضح البرنامج الاقتصادي الذي يطبقه.
تعزيز التجارة بين البيرو والإمارات 

وتنمو العلاقة التجارية بين البيرو والإمارات كل عام. ووفقاً لمدير مكتب التجارة والسياحة والاستثمار البيروفي في الإمارات، آلفارو سيلفا سانتيستيبان، فإن إجمالي المبلغ المتراكم في العقد الماضي يُظهر نمواً هائلاً قدره 617 مرة، ما يصل الى 3700 مليون دولار أميركي. وقد قال: "بالنسبة الى البيرو، تعد الإمارات العربية المتحدة السوق الـ 15 الأكثر أهمية على مستوى العالم، فيما تعد البيرو من بين الأسواق الثلاثة الأكثر أهمية بالنسبة إلى دولة الامارات في أميركا اللاتينية، مما يظهر الفرص المحتملة لرواد الاعمال من كلا البلدين للاستفادة منها".

بالطريقة نفسها، تقدم البيرو فرصاً استثمارية ممتازة. ويعتبر "مجتمع الأعمال الإماراتي" في الدولة الواقعة في الأنديز أساسياً، حيث تصل قيمة استثماراته إلى 2300 مليون دولار أميركي، مع التركيز بشكل رئيسي على الطاقة والبنية التحتية والخدمات اللوجستية. وبالمثل، في البيرو، يُنظر إلى اللوائح التنظيمية الجديدة التي قدمتها الامارات باعتبارها آمال وتوقعات من أجل نمو كبير وتبادل دولي أكثر أهمية.