صوت «حكيم العرب» في مجلس الأمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

ثقة كبيرة من العالم، دولة الإمارات العربية المتحدة عضواً في مجلس الأمن، صار لدينا صوت قوي للدفاع عن السلم والأمن الدوليين.

انتخاب مُشرّف، 179 صوتاً، مقعد عضو غير دائم محجوز لمدة عامين (2022 و2023)، الأشقاء العرب يصفّقون، المهمة واحدة، والمصير مشترك، نحن العرب في أمسّ الحاجة إلى من يتحدث عن همومنا، ويدافع عن قضايانا، ويصنع «لوبياً عربياً» تحت سقف الأمم المتحدة لكي يتبنى الرؤية العربية، التوقيت صعب والتحديات معقدة جداً، الصوت الإماراتي مكسب لكل العرب.

أتفاءل كثيراً بقدرة وقوة الصوت الإماراتي داخل مجلس الأمن، ونجاحه في المسكوت عنه، وحرصه على التمثيل المشرّف للدبلوماسية العربية، والدفاع عن الحق والثوابت الوطنية التاريخية.

تفاؤلي ينطلق من ثوابت أسّسها وصاغها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، أثناء تأسيس دولة الإمارات، ثوابت تتعلق بالمساواة والعدالة الاجتماعية، وترسيخ أواصر الوحدة، ونشر السلام في كل مكان، ومد يد الصداقة.

وتقريب وجهات نظر الفرقاء، وتعميق خيار الحوار، وفضّ النزاع بالطرق السلمية بعيداً عن الحروب، وإعلاء قيم السلام بالعالم، ومد جسور التعاون مع الآخرين من أجل تحقيق المصالح المشتركة، فضلاً عن مفهوم السلام لدى حكيم العرب، كان محور السياسة الإماراتية، جغرافياً وتاريخياً.

من هذا المنطلق، يتأكد لي قدرة الدور الإماراتي في التفاعل، والحراك، لاسيما أن الأبناء يسيرون على الدرب نفسه، يواصلون مسارات الآباء، يضعون سياسات «حكيم العرب» نصب أعينهم في جميع التحركات على المستويات المختلفة عربياً، وإقليمياً ودولياً، ولا يفوتني أن أتذكر هنا أنه في حفل تأبين أقيم للمغفور له، الشيخ زايد في الرابع من نوفمبر عام 2004، قال ممثل مجموعة دول أوروبا الشرقية في الأمم المتحدة: «الشيخ زايد رجل دولة بارز، وسياسي يتجه دوماً نحو المستقبل، لذلك استحق احترام وتقدير شعبه والعالم أجمع».

الصورة الذهنية التي رسمها «حكيم العرب» لدولته، لا تزال راسخة في أعين العالم، بل إنها تزداد قوةً وعمقاً، هذا التراكم التاريخي نجح الأبناء في البناء عليه، وتطويره وفق دبلوماسية نشطة، وتنمية ناجحة، واستناداً إلى مبادئ وقيم راسخة، ضاربة بجذورها داخل المجتمع الإماراتي، وثوابت وطنية لا يحيد عنها، وتواصل عربي وعروبي، وانتهاج سياسة نبذ العنف، والسمو فوق الصغائر، واللجوء إلى الحوار كلغة رسمية لإدارة الأزمات، واعتماد سياسة إطفاء الحرائق السياسية، ومكافحة التطرف والإرهاب.

هذه الثوابت التي قامت عليها دولة الإمارات، فتحت الطريق أمامها إلى مجلس الأمن، بل وضعتها أمام مهمة أكبر، وهي مهمة الحفاظ على هذا الدور التاريخي، واستثماره لخدمة قضايا العرب والشرق الأوسط، الذي يموج بمتغيّرات متلاحقة وسريعة. الإمارات مؤهّلة بشكل قوي للقيام بالدور اللائق عربياً، تنتظرها مسؤوليات كبيرة، أرى أنه في مقدمتها مكافحة الإرهاب العابر للحدود، والعمل بكل قوة على تحقيق السلم والأمن الدوليين.

لاسيما أنهما الوظيفة الأولى لمجلس الأمن وفق ميثاق الأمم المتحدة، هذا فضلاً عن بذل المزيد من الجهد لتعزيز قيم السلام والتسامح والتعايش المشترك، ودعم المبادرات التنموية وحماية الكوكب من المتغيرات المناخية التي باتت تهدده بشكل كبير، وحث المجتمع الدولي على وضع خريطة طريق من شأنها تحسين جودة حياة شعوب العالم، والعمل على تعميق الشراكة العربية مع كافة أنحاء العالم، ربما تكون هذه بعض الملفات التي تنتظر دولة الإمارات على طاولة مجلس الأمن، لكن المؤكد أن الدبلوماسية الإماراتية قادرة على تحقيق ما هو أكبر من هذه التحديات لمصلحة شعوب العالم.

اللافت للنظر هنا في انتخاب الإمارات لعضوية مجلس الأمن، هو أننا أمام تجربة أثبتت نجاحها وتميزها في الألفية الثالثة، وفق آليات عصرية حديثة استطاعت أن تسترعي انتباه العالم، بل ربما تدفعه إلى أن يستلهم من التجربة الإماراتية النموذج الإيجابي والتجربة الطموحة في بناء دولة حديثة تقوم على مرتكزات الأمن والاقتصاد والاستثمار والتكنولوجيا الحديثة وتمكين المرأة والشباب.

الصوت الإماراتي في مجلس الأمن هو صوت لكل العرب، ويجب علينا نحن العرب أن نقدم كافة أنواع الدعم لدولة الإمارات، لكي تقوم بواجبها جانب باقي الأعضاء في حفظ السلم والأمن الدوليين.

* رئيس تحرير «الأهرام العربي»

 

Email