وطن الإرادة والتحديات

ت + ت - الحجم الطبيعي
قليلة بل قليلة جداً هي الأيام التي لا نحظى فيها بإطلالة من صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تحمل لأبناء وطنه شيئاً من عبق الحكمة، وعمق التجربة، أو خبراً يبتهج به القلب والوجدان، يحكي طرفاً جميلاً من أطراف حكاية الإنجاز في هذا الوطن الجميل الأصيل.
 
وها هو يعلن ومن خلال حساب سموّه على «تويتر» عن صدور التقرير العالمي عن معهد التنمية الإدارية للتنافسية في سويسرا، مشتملاً على مجموعة من المؤشرات التي حققت فيها الإمارات مراكز متقدمة على الرغم من شبح الجائحة العالمية المتمثل في «كورونا» وتداعياته، التي أوشكت أن توقف عجلة التنمية العالمية، وتصيب حركة الاقتصاد العالمي بالركود والشلل، لكنّ الإمارات بعزيمة أبنائها، وإصرارهم على مواجهة التحديات ظلت في إطار التقدم والمنافسة، التي تمتاز بالنزاهة والشفافية واعتماد الحقائق المدعّمة بالإنجاز المتمثل على أرض الواقع.
 
روح العزيمة
 
إن أهم ما جاء في «تغريدة» صاحب السموّ هو بثّ روح العزيمة، وشحن طاقة الإرادة في النفوس حين أكد صاحب السمو أن كل ما تم إنجازه قد حصل في ظلال جائحة «كورونا»، لكن الفقرة الأهم هي قوله في خاتمة «التغريدة»: «لم نقف أثناء الجائحة، ولن نقف بعدها»، حيث أكد هذا الإصرار بحرفي النفي «لم، ولن» اللذين يستغرقان الزمانين الحاضر والمستقبل في إشارة إلى عمق الإصرار، وجسارة التحدي.
 
وهو المنهج الذي اختطه صاحب السمو لمسيرة التنمية في وطننا الحبيب، بحيث غدا أسلوباً راسخاً في طبيعة التفكير الإداري لدى رجال الدولة، وتشرّبته روح الشعب، وأصبح جزءاً من المنظور الثقافي للعمل في وطننا الزاهر الجميل، فبعد الإعلان عن صدور التقرير، أوضح صاحب السمو طبيعة الإنجاز بقوله: «رغم الجائحة تقدمنا في 120 مؤشراً عالمياً، وتصدرنا العالم في 20 مؤشراً تنموياً»، حيث احتاط صاحب السمو بقوله:
 
«رغم الجائحة»، لما قد يتبادر إلى الذهن من انخفاض عدد المؤشرات مقارنة بالإنجازات السابقة التي كانت تتفوق فيها الإمارات على كثير من الدول المنافسة، فكان لجائحة «كورونا» التأثير الملحوظ في تخفيض وتيرة التقدم في جميع الصعد، وعلى المستوى العالمي وليس على مستوى الوطن فقط.
 
لكنّ ذلك لم يقف حائلاً بيننا وبين التقدم في 120 مؤشراً عالمياً مقارنة بالمراحل السابقة، وأيضاً تم التصدّر في 20 مؤشراً على المستوى العالمي، وهذا إنجاز كبير في ظل هذه الظروف التي انكمش فيها كل شيء، وأصبحت هموم الدول منحصرة في عدم حصول المزيد من الخسائر، لكن الإصرار على التقدم والإنجاز هو قدر هذه البلاد، فكانت هذه النتيجة المشرفة، التي ترفع رأس الوطن، وتؤكد سلامة المسيرة، وقوة الإرادة.
نتيجة متوقعة
 
وكونها نتيجة متوقعة لهذه الإنجازات جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن الدول الـ 10 الأوائل في التنافسية على المستوى العالمي.
 
وهذا موقع متقدم في ظل هذه الظروف يجب أن نعتزّ به، ويزداد الشعور بالفخر حين نعلم أيضاً أن الإمارات كانت هي الأولى عالمياً في قدرة الحكومة على التكيّف مع المتغيرات، ما يعني أن هناك جهوداً ضخمة قد تم بذلها في سبيل البقاء في مضمار التنافس، وتحقيق المراكز المتقدمة، وهذه واحدة من أروع أمارات العافية الإدارية في هذا البلد النشيط الرشيق، الذي يواجه بمرونة وذكاء إداري ملحوظ جميع التحديات، ويذلل جميع العقبات، ويستأنف مسيرته المظفرة في العمل والإعمار والتقدم.
 
ثم كانت هذه الخاتمة الفياضة بمشاعر الثقة والإصرار حين قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: «لم نقف أثناء الجائحة، ولن نقف بعدها»، وهذا هو الجوهر الثمين لهذه «التدوينة» الثمينة حيث حسم صاحب السمو جميع مشاعر التردد والتوجس والقلق، وأكد بهذه النبرة الجازمة أن المسيرة التنموية ماضية في طريقها لا تعرف التردد والتراجع.
 
فهذه الدولة لا تراهن على شيء كما تراهن على الإنسان الذي يصنع المعجزات ويقهر فكرة المستحيل، ويمضي قُدُماً نحو أهدافه لا يلتفت إلى الوراء، فإنّ الملتفت لا يصل كما يقول أهل الحكمة، لتظلّ قصة الإنجاز وتحقيق المراكز المتقدمة هي قصة الإمارات مع هذه الحياة القائمة على التحديات والصعوبات.
 
إنّ الأمل معقود بعون الله على المستقبل القادم بعد انقشاع غيوم هذه الجائحة، لكي نواصل مسيرة التنمية بهمة عالية، وعزيمة ماضية، ونحقق المستحيل الذي يتوانى عن تحقيقه كل ضعيف الإرادة، فنحن في هذا الوطن الطيب المعطاء قد تذوقنا طعم الإنجاز المتميز، ولن نرضى به بديلاً، وسنكون حكماء في التعامل مع العواصف، لكننا لن نسمح لها باقتلاع هذا النخيل الجميل، الباسق الطويل الذي زرعناه بعرق الجبين، وسقيناه من ماء القلوب، ولتظل بلادي نموذجاً من نماذج التقدم، يحدو ركبها الصيد الميامين من رجالات الوطن، وفرسانه الغرّ الباسلين.
 
Email