متاجرة الأحزاب بالقضية الفلسطينية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يُبدي العالم قلقله الكبير مما يجري في المنطقة من أحداث ساخنة ومؤلمة، والتي طالت المدنيين الأبرياء، وسقط خلالها الضحايا وبينهم أطفال ونساء، دون مراعاة لأي أعراف إنسانية أو دولية، وتتصاعد هذه الممارسات التي لا تزيد النيران إلا اشتعالاً، ولا تخدم في شيء عملية التهدئة التي تحفظ الأرواح وتصون الدماء.لقد كان موقف العقلاء واضحاً تجاه هذه الأزمة.

فقد أدانوا التصعيد في فلسطين، وفي هذا الإطار، نددت دولة الإمارات واستنكرت بشدة اقتحام السلطات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك، وتهجيرها عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح، ودعت إلى ضرورة وقف أي ممارسات تنتهك حرمة المسجد الأقصى المبارك، وضرورة الحفاظ على الهوية التاريخية للقدس المحتلة، وحفظ حقوق الفلسطينيين.

ومنها حقهم في ممارسة الشعائر الدينية، ودعت السلطات الإسرائيلية إلى إنهاء كافة الاعتداءات، كما دعت كافة الأطراف إلى التهدئة وضبط النفس والتوقف عن جميع الممارسات الاستفزازية والانتقامية، والوقف الفوري للعنف والأعمال العدائية.

إن هذا الموقف العاقل والمتزن والحكيم في التعامل مع القضية الفلسطينية ليؤكد موقف دولة الإمارات الدائم والراسخ تجاه هذه القضية، والذي يقوم على مبادئ راقية مؤسسة على حفظ الحقوق وإعلاء قيم العدل والحق والسلام، وهو موقف لا يقبل التشكيك والمزايدة، ويستند إلى مراعاة الأولويات والضروريات الكبرى.

ومن أهمها الوقف الفوري لأعمال العنف ضد المدنيين، والمحافظة على أرواحهم، وتخفيف المعاناة عنهم، وبذل كل المساعي لتحقيق هذا الهدف المنشود من جميع العقلاء، كما يستند ذلك إلى اتباع الطرق المؤثرة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسها العمل السياسي، الذي يتطلب تلاحم الشعب الفلسطيني بكافة فصائله وشرائحه، بعيداً عن حالة الانقسام والممارسات غير العقلانية التي لا تخدم هذه القضية في شيء.

وبخلاف ذلك تجلت المواقف المخزية للتنظيمات الحزبية وبالأخص تنظيم «الإخوان» الذي اعتاد على الاعتياش والمتاجرة بالقضية الفلسطينية، ومحاولة استغلال ذلك لصالح أجنداته، وإطلاق الشعارات الزائفة للعب على الذقون وممارسة سياسة التمدد والاستقطاب، والتحريض ضد الدول وتشويهها، والمزايدة عليها، والاستعداء عليها، ومحاولة استغلال عواطف المسلمين وغيرتهم على مقدساتهم لصالح أهدافهم ومآربهم.

وقد أصبحت ألاعيب هؤلاء مكشوفة، كما أصبح أيضاً استغلال الميليشيات المتطرفة لهذه القضية لصالح أجنداتها مفضوحاً كذلك، وواقعهم يكشف عن زيف دعاواهم، فهم في حقيقة الأمر خناجر مسمومة في ظهر الدول العربية والإسلامية، وسهامهم لا توجه إلا إليها، ومؤامراتهم لا تحاك ليل نهار إلا للإضرار بأمنها واستقرارها.

كما انكشفت ألاعيب الإعلام الموجه الذي تديره هذه الأحزاب والتنظيمات، والتي تستغل القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا، لإثارة الفتن في الأوطان والتأليب ضد الدول، وكيل الاتهامات والسباب والشتائم لها، وهي تحاول أن تغطي على جهود هذه الدول في دعم القضية الفلسطينية ومساندتها للشعب الفلسطيني، ولكن أنى لغربال بالٍ أن يغطي الشمس الساطعة، كما تحاول هذه الأحزاب أن تنشر ثقافة الجحود والنكران ضد جهود هذه الدول، إلا أن ذلك لا يجد صدى لدى العقلاء الذين يعرفون لأهل الفضل فضلهم.

إن هؤلاء المتشدقين بالشعارات الزائفة المتاجرين بالقضية الفلسطينية، لم يقدموا لهذه القضية شيئاً، بل استخدموها كسلّم لنيل مآربهم، وشعار لتبرير صراعاتهم ومخططاتهم التوسعية والعدوانية ضد الدول، فبعضهم يقول: «طريق القدس يمر من بغداد»، وآخرون يقولون:

«طريق القدس يمر من القلمون والزبداني»، وثالث يقول: «طريق القدس يمر من مكة والمدينة»، وهكذا يستخدم كل تنظيم فلسطين والقدس شعاراً زائفاً لمخططاته، ليخدع به أتباعه، ويستغل عاطفتهم، ويسوقهم في صراعاته المتطرفة.

لقد آن الأوان لهذه الأحزاب والتنظيمات أن تكف عن استغلال قضايا العرب والمسلمين، والمتاجرة بها، وتوظيفها في مصالحهم الحزبية، وبالأخص القضية الفلسطينية، التي أثقل هذا التوظيف كاهلها، وأضرت بها هذه الأحزاب، وجنت عليها جناية كبيرة. نسأل الله تعالى أن يحفظ أهلنا في فلسطين من شر المعتدين والمتاجرين، وأن يحقن دماءهم، ويحفظ أرواحهم، ويمن عليهم بالأمن والاستقرار والرخاء.

* رئيس مركز جلفار للدراسات والبحوث

 

Email