عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

ت + ت - الحجم الطبيعي

يهل علينا عيد الفطر المبارك هذا العام ونحن نعيش مرحلة التعافي وكلنا أمل بأن يحمل عيدنا هذا بشائر الخير والأمن والسلام للبشرية جمعاء.

مر علينا شهر رمضان مروراً كريماً، حتى أننا لم نشعر به وهو يتسرب خلالنا كالنسيم وانقضت لياليه الجميلة وأيامه الزاخرة بالعطاء والعمل الدؤوب، وكم يحدونا شوق ورغبة في عودته العام القادم ونحن بأفضل حال.

ولكن ما يحز في النفس أننا شهدنا الكثير من الصراعات التي لم تخمد روحانية رمضان جذوتها، ومازال العالم من حولنا يعاني من مظاهر البؤس والشقاء في أماكن مختلفة جراء تلك الشقاقات والاختلافات التي يبدو أن لا نهاية لها بسبب سلسلة المصالح لمسعري وتجار الحروب.

يعود العيد وبعض الشعوب لا تدري كيف ستقضي أيامه أو لياليه. حتى أن العيد بمفهومه الشامل الذي يحمل في طياته الفرح والسرور، قد لا يمر بدور الأيتام والمحتاجين، وقدوم العيد عند بعض الأسر يعتبر منغصة وهماً كبيراً.

البعض منا يقضي العيد وهو بعيد عن أهله أو يأتي العيد وقد فقد عزيزاً أو حبيباً، فيكون العيد عليه ثقيلاً وحزيناً، فالعيد لا يكون إلا بالمشاركة وبتبادل الزيارات واللقاءات مع الأحباب والأصدقاء. وقد أكرمنا الله بنعمة رمضان ومن بعده العيد حتى يشعر الإنسان بكرم وجود ربه، وكمكافأة على تعبده وقيامة وركوعه وسجوده طيلة أيام الشهر الفضيل.

العيد هو فعلاً لأولئك الذين قاموا بواجباتهم نحو ربهم وخالقهم في المقام الأول، ولأولئك الذين أدخلوا السرور على قلوب إخوانهم من غيرهم من البشر إما بلفتة لطيفة أو صدقة أو خدمة إنسانية أو معروف.

العيد هو لأولئك الذين يسهرون في الثغور على أمننا، ولمن يصلون الليل بالنهار دون انقطاع في المشافي والمراكز الطبية، ويسهرون من أجل ضمان ألا يكون هناك أي طارئ قد يعكر صفو العيد وبهجته.

العيد هو لأولئك الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ولمن يهتمون بشؤون الآخرين، ولمن يشعرون ويحسون بعبء وثقل المسؤولية، ولمن يحبون وطنهم ويخلصون ويتفانون في خدمته.

جوهر العيد هو أن تنشرح القلوب برؤية الآخرين مسرورين ومغتبطين، ولا يتم العيد إلا برؤية من حولنا ينعمون بما ننعم به من خيرات ومسرات. بل إن العيد يظل منقوصاً إن لم نشعر به من حولنا وليس فقط داخل بيوتنا. ولهذا نجد أن الإمارات كانت ومازالت سباقة في جعل العالم مكاناً أفضل، لا يوجد فيه محتاجون أو محرومون، كخصلة كريمة توارثها الإماراتيون أباً عن جد. ولهذا نعيش نحن الإماراتيين وبحمد الله تعالى كل أيامنا أعياداً.

من هذا المنطلق الإنساني العظيم، كانت مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ،حفظه الله ورعاه، والرامية لمد يد العون والغوث لكل المحتاجين حول العالم، فمبادرة المائة مليون وجبة على سبيل المثال زرعت البسمة على وجوه أولئك الأطفال وتلك الأسر المتعففة حول العالم. ومن هنا كان ذلك النجاح الباهر والمساهمة المجتمعية التي فاقت التوقعات، إيماناً من الجميع أن يد الخير الإماراتية الممدودة لكل العالم، هي من صميم قلب كل مواطن إماراتي يعيش على ثرى هذا الوطن الكريم وينعم بخيره وعزه.

العيد سيعود علينا إن شاء الله هذا العام بكل السعادة والنعيم لأننا شعب لا نحمل في داخل قلوبنا إلا المحبة والسلام لكل العالم. وخير الإمارات سيظل دفاقاً ومنتشراً في كل بقاع المعمورة.

بأية حال ستعود يا عيد هذا العام؟ نتمنى أن يكون عيداً عالمياً للأمن والاستقرار وأن يتحول العالم لواحة خير تسودها روح التعاون والتعاضد بين جميع شعوب العالم. وأن تنعم شعوب العالم بما ينعم به المواطنون والمقيمون في دولة الإمارات العربية المتحدة.

عيد سعيد على الجميع وحفظ الله بلادنا وشيوخنا من كل مكروه إنه عزيز حكيم.

 

Email