رأي

بايدن و100 يوم

ت + ت - الحجم الطبيعي

أنهى الرئيس الأمريكي جو بايدن المائة يوم الأولى من ولايته على نحو متّسق مع شعاراته الانتخابية، وبخاصة على مستوى الوضع الداخلي الذي تسلّمه مع أعباء ثقيلة تركها سلفه دونالد ترامب الذي أورث خليفته مجتمعاً منقسماً ومثخناً بجراح «كورونا».

حملة التطعيم المكثّفة بدأت تؤتي أكلها، والحبال المشدودة بفعل توترات ترامب بدأت تهدأ، والأمور تتجه لمجتمع أكثر استقراراً في الداخل الأمريكي.

لكن الولايات المتحدة بما تتمتع به من ثقل ودور على كل الصعد، ليست مجرد خمسين ولاية وتمثال حرية وكونغرس وبيت أبيض ووزارة خارجية. أمريكا المايسترو الأكثر فاعلية وتأثيراً في أوركسترا العالم، بما تملكه من قوة اقتصادية وعسكرية وأمنية ونفوذ على قوى فاعلة أخرى. وهي بهذا تتأثّر وتؤثر بما يجري قريباً وبعيداً منها وعنها.

هذا يعني أن مؤشر العلاقات مع موسكو وبكين في قادم الأيام والسنوات سيلقي بظلاله على شكل النظام السياسي الدولي. الأيام المائة الأولى ليست المعيار الذي يمكن أن يكون ملائماً للخروج باستنتاجات حول السياسة الأمريكية الخارجية، وحول مستوى شد الحبال مع موسكو وبكين أو ارتخائها.

الأمل لا يتعلق بالرغبات حين يدور الحديث عن العلاقات الدولية التي تحكمها موازين قوى وقواعد فن إدارة الصراع، وليس الصراع نفسه، لأن هذا الصراع لا يمكن - في علم السياسة - أن يترك على إطلاقيته وتجرّده من الضوابط والمعايير. وبهذا المعنى، فإن التوتر في علاقات واشنطن مع كل من روسيا والصين، سيصار إلى ضبطه وإخضاعه لتوازنات «لا غالب ولا مغلوب»، ذلك أن هذا التوتّر تستتبعه توتّرات في غير مكان في العالم، ليست سوريا والشرق الأوسط وأوكرانيا وبحر الصين وشرق المتوسط، سوى أمثلة لمشهد حدوده أوسع وتداعياته أكبر إذا لم يجر ربطه بآلية مبرمجة، وضبطه على إيقاع منضبط.

يقال إن الحرب استمرار للسياسة بطرق أخرى. هذا صحيح، لكن الحرب تحصل حين يشعر طرف بامتلاكه القدرة على حسمها لصالحه، وبعد أن يفشل في تحقيق أهدافه من دونها. هذا الوضع لم يصل إليه العالم، وما زلنا في مسار الصراع السياسي وأدواته المعروفة.

Email