بذر الأمل في الاقتصاد العالمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

ظل العالم في الربع الأول من عام 2021 يعيش وضعاً وبائياً حرجاً فرضه انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد في العالم، أما في الصين فتمت السيطرة على الوباء بفاعلية. منذ العام الماضي، كان الاقتصاد الصيني هو الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي حافظ على نمو إيجابي، حافظت الصين في الربع الأول من هذا العام على زخم الانتعاش السريع مع بيانات مبشرة.

فوفقاً لمعلومات الهيئة الوطنية للإحصاء الصينية، نما الناتج المحلي الإجمالي في الصين في الربع الأول من هذا العام بنسبة 18.3 % على أساس سنوي، حيث نما بنسبة 10.3 % زيادة على نموه في الربع الأول من عام 2019، وهو ما يبرهن على الزخم القوي لانتعاش الاقتصاد الصيني. فالمؤشرات الاقتصادية الرئيسية حققت نمواً مزدوج الرقم، فعلى سبيل المثال، نمت القيمة المضافة للصناعات فوق النطاق بنسبة 24.5 %، ونما إجمالي مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية المجتمعية بنسبة 33.9 % على أساس سنوي، أما الاستثمار في الأصول الثابتة فقد نما بنسبة 25.6 %، ونما إجمالي صادرات وواردات السلع بنسبة 29.2 %.



ومن ناحية أخرى انعكس زخم الانتعاش القوي هذا من خلال الاستقرار الشامل في التشغيل والزخم الجيد لتطور الطاقة الحركية الجديدة، والتحفيز الفعال لحيوية السوق، والنمو المستقر لمتوسط نصيب الفرد من الدخل القابل للتوزيع بالنسبة للسكان، وغيرها من المجالات، حيث عادت الابتسامة لوجه كل مواطن صيني. وقد عمل صندوق النقد الدولي مؤخراً على تعديل النسبة المتوقعة لنمو الاقتصاد الصيني هذا العام وحددها بـ 8.4 %، حيث ارتفعت بمقدار 0.3 نقطة مئوية، وهو ما يعكس ثقة المجتمع الدولي في التنمية الاقتصادية للصين على مدار العام.

فكيف استطاع الاقتصاد الصيني المحافظة على زخم انتعاش أمام وباء الشتاء والربيع وعوامل عدم اليقين في البيئة الخارجية؟

يعود الفضل في هذا إلى سياسة «صيانة الاستقرار في ستة مجالات» و«توفير الضمان لستة مجالات» التي طبقتها الحكومة الصينية. ويتمثل جوهر سياسة «صيانة الاستقرار في ستة مجالات» و«توفير الضمان لستة مجالات» في معالجة العلاقة بين «ضمان معيشة الشعب» و«استقرار الاقتصاد». فأمام صعوبات الوضع السياسي الراهن، تعد التضحية بمعيشة الشعب من أجل تعزيز الاقتصاد تصرفاً قصير النظر. وقد تمسكت الحكومة الصينية بالتركيز على فئتين كبيرتين لتحقيق «ضمان معيشة الشعب» وهما: الباحثون عن عمل، والشركات المتوسطة والصغيرة. واستطاعت من خلال السياسات والدعم المالي، العمل بقوة على تحقيق استقرار العمالة، وحل المعضلات التي تؤرق كاهل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وزيادة طلب الشركات على العمال، وتسريع عودة الشركات للإنتاج والعمل، وحققت «توفير عمل للمواطنين وتوفير سبل نجاة للشركات».

وقد حفز تحسين الظروف المعيشية بشكل كبير الطلب الاستهلاكي، فالاستهلاك أصبح المحرك الأول لاستعادة سرعة نمو الاقتصاد الصيني. وعلاوة على هذا فإن التركيز على تطوير التكنولوجيا الفائقة، وأشكال جديدة لقطاع لخدمات، وغيرها من الطاقات الحركية التنموية الجديدة، ومواصلة تحسين وتطوير بيئة الأعمال وغيرها، كلها أمور ضخت حيوية جديدة في انتعاش الاقتصاد الصيني. ومن المؤكد أنه ومع الوقت، سيكون هناك تعزيز متبادل بين الحلقتين الداخلية والخارجية، وهو ما من شأنه أن يضيف طاقة حركية جديدة. ومع ولوج الاقتصاد الصيني مرحلة تنموية جديدة، وتطبيق فلسفة تنموية جديدة، وبناء نموذج تنموي جديد، سيتعزز أكثر فأكثر زخم التطور إلى الأفضل للاقتصاد الصيني، وسيوفر لتطور الاقتصاد العالمي محركاً مستديماً وفرصاً أوسع، فحين تتحسن الأوضاع في الصين، يسير العالم على نفس المنوال.

اطلعت مؤخراً وبشكل مستمر على أخبار تفيد بمواصلة الاقتصاد الإماراتي مسار انتعاشه وتقدمه إلى الأفضل، وشعرت بسعادة نابعة من القلب للنتائج التي حققتها الإمارات والإماراتيون، أصدقاؤنا الجيدون وشركاؤنا الجيدون، وإخواننا في مكافحة الوباء وتحقيق التنمية. هناك ترابط في الفلسفة التنموية التي تنتهجها الصين والإمارات، وتطابق في الأهداف التي تطمح الحكومتان للوصول إليها، فجميعنا نتقن النظر بعيد المدى، وقمنا بصياغة خطط تنموية طويلة الأجل، وهو ما مكننا من معرفة الاتجاه العام للأحداث أمام الصعاب التي تواجهنا، مع المحافظة على العزيمة، وتحقيق نتائج جديدة بشكل مستمر، والعمل على توفير فضاء أرحب لتعميق التعاون أكثر فأكثر لأجل هذا الهدف.

الربيع هو موسم البذر، الإمارات وبوصفها واحة التنمية في الشرق الأوسط، والصين وبوصفها محرك التنمية الاقتصادية العالمية، فإن تعافي الاقتصاد الصيني والإماراتي بشكل مستقر لا ينحصر نفعها عليهما فحسب، بل تبذر أملاً جديداً لانتعاش الاقتصاد العالمي.


* القنصل العام الصيني بدبي

Email